واتخذ الفرس النار رمزًا لآلهة الخير، يشعلونها في معابدهم، وينفحونها بأمدادهم حتى تقوى على آلهة الشر وتنتصر عليها.
ولم تخرج تعاليم "ماني" في المانوية التي شاع مذهبها عن تعاليم "زرادشت" إلا في القليل من آرائها. وحول سنة ٤٨٧م ظهر في فارس "مزدك" ودعا إلى مذهب ثنوي جديد، فكان يقول أيضا بالنور والظلمة، ولكنه عرف بتعاليمه الاشتراكية، فكان يرى أن الناس ولدوا سواء فليعيشوا سواء، وأهم ما تجب فيه المساواة: المال والنساء.
قال الشهرستاني:"وكان "مزدك" ينهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال، ولما كان أكثر ذلك إنما يقع بسبب النساء والأموال، فأحل النساء وأباح الأموال، وجعل الناس شركة فيها كاشتراكهم في الماء والكلأ والنار".
وكان للفرس قانون في عهد الدولة الساسانية، تضمن الكلام على الأحوال الشخصية كالزواج، وعلى الملكية، وعلى الرق، وبعض الشئون العامة.
أما دولة الروم التي كان يحكمها القياصرة، فقد قامت حضارتها على الفلسفة النظرية والجدل المنطقي "اليوناني" ثم "الروماني"، وتوارثت آراء سقراط وأفلاطون وأرسطو، وسيطرت على مناطق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الشام ومصر والمغرب، حيث كانت عقائد النصرانية على اختلاف مذاهبها، ولقد لجأت النصرانية إلى الفلسفة اليونانية؛ لتستعين بها على الجدل، ولتؤيد تعاليمها وعقائدها أمام الوثنيين، وكانت الإسكندرية هي المركز الجغرافي لمزج الدين بالفلسفة، وظهر فيها المذهب المعروف بـ "الأفلاطونية الحديثة"، وذلك منذ عام ٢٠٠ م تقريبا. وظلت النصرانية منتشرة في الشام ومصر والمغرب والنوبة والحبشة والعراق. كما قام السريانيون بنشر الفلسفة اليونانية، واتخذوا لأنفسهم مدارس متعددة، كانت أهم مراكزها في الرها ونصيبين وحران، واهتموا بترجمة الكتب اليونانية بعقائدها الوثنية، وثقافتها المتشعبة إلى اللغة السريانية، بما في ذلك القانون الروماني، وعلوم الطب، والفلك، والفلسفة.