للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحتمل أن يكون مرتبا على ما قبله ترتيب المفصل على المجمل؛ فتكون الفاء للترتيب الذكري، فيكون الفيء في المدة، فإذا انقضت بدون فيء فيها وقع الطلاق بمضيها، ويحتمل أن تكون الفاء للترتيب الحقيقي. فتكون المطالبة بالفيء أو الطلاق عقب مضي الأجل المضروب.

جـ- ما يوهم ظاهره التعارض بين حكمين، لتردده بينهما، كعدة الحامل المتوفى عنها زوجها؛ فإنها مترددة بين أن تشملها آية معتدة الوفاة التي تتربص أربعة أشهر وعشرا، وآية معتدة الطلاق التي جعلت عدة الحامل وضع الحمل.

ومن ذلك: الخلاف في الجمع بين الأختين بملك اليمين؛ فقد قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُم} إلى قوله {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} ١.

وقال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} ٢؛ فالآية الأولى بعمومها تحرم الجمع بين الأختين مطلقا، بعقد النكاح أو بملك اليمين، والآية الثانية بعموم الاستثناء فيها تجيز الجمع بين الأختين بملك اليمين؛ فكان التعارض بين عموم الآيتين، وفي هذا وقع الاختلاف.

فذهب جمهور الصحابة إلى تحريم الجمع بين الأختين بملك اليمين وقالوا: إن آية النساء ناسخة لعموم الاستثناء الوارد في آية "المؤمنون".

وتوقف بعضهم في ذلك، أو قال بالجواز، فروي عن عثمان وابن عباس أنهما أباحا ذلك وقالا: أحلتهما آية، وحرمتهما آية. وقال الشعبي: سئل على عن ذلك فقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية؛ فالحرام أولى.

روى الإمام مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية وحرمتهما آية، وما كنت لأمنع ذلك.


١ النساء: ٢٣.
٢ المؤمنون: ٥، ٦.

<<  <   >  >>