الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم".
ويقول ابن المبارك: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. ويقول ابن المبارك كذلك: بيننا وبين القوم: "القوائم" يعني الإسناد.
ولهذا كثرت رحلات التابعين، بل ورحلات صغار الصحابة من مصر إلى مصر ليسمعوا الأحاديث الثابتة من الرواة الثقات.
يقول سعيد بن المسيب: إني كنت لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد.
وحدث الشعبي مرة بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لمن حدث به: خذها بغير شيء، قد كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة.
٢- نقد الرواة: فقد تتبع العلماء الرواة ودرسوا حياتهم، وتاريخهم، وسيرتهم، لمعرفة حالهم من صدق أو كذب، ولم تأخذهم في الله لومة لائم، ووضعوا لذلك قواعد ساروا عليها لبيان من يؤخذ منه ومن لا يؤخذ، وعدل هؤلاء النقاد الصحابة ولم ينسبوا لأحد منهم كذبا.
قال الغزالي في المستصفى: والهذي عليه سلف الأمة وجماهير الخلف أن عدالتهم أي الصحابة معلومة بتعديل الله عز وجل إياهم وثنائه عليهم في كتابه، فهو معتقدنا فيهم، فلا حاجة لهم إلى التعديل، ثم ذكر مزاعم آخرين فقال: وقد زعم قوم أن حالهم كحال غيرهم في لزوم البحث وقال قوم: حالهم العدالة في بداية الأمر إلى ظهور الحرب والخصومات، ثم تغيرت الحال وسفكت الدماء، فلا بد من البحث.
ومن أهم من لا يؤخذ حديثهم الذين يعرف عنهم الكذب، ولو في أحاديث السناس وأصحاب البدع والأهواء، إذا كانت بدعهم مكفرة أو استحلوا الكذب، والزنادقة، والفساق.