ويتضح من هذا أن المراد بالاختيار من أقوال الصحابة، أن يختار أقرب هذه الأقوال إلى الكتاب والسنة، وهذا يقتضي النظر فيها، والرجوع إلى النصوص حتى يختار أقربها إلى دلالة النص. قال أبو يعلى: إذا اختلف الصحابة في المسألة على قولين ولم ينكر بعضهم على بعض لم يجز لمنهو من أهل الاجتهاد أن يأخذ بقول بعضهم من غير دلالة على صحة قول الصحابي.
وفي أصول مذهب الإمام للدكتور عبد الله التركي رواية أخرى بهذا المعنى:"إذا اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز للرجل أن يأخذ بقول بعضهم على غير اختيار، ينظر أقرب القول إلى الكتاب والسنة"١.
ويدل كلام ابن القيم في موضع آخر على أن التراجع في الاختيار من أقوال الصحابة لا يقف عند أقربها من الكتاب والسنة؛ بل قد يكون الترجيح يكون صاحب القول المختار أعلم من غيره كما إذا كان من الخلفاء الراشدين أو من المشهورين بالفتيا، كابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس.
فإذا لم يجد الإمام ما يرجح اختيار أحد أقوال الصحابة، حكى الأقوال المنقولة عنهم، ولم يقطع بقول منها:
٤- الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف:
الأصل الرابع من أصول الإمام أحمد هو الأخذ بالحديث المرسل، والأخذ بالحديث الضعيف.
وإذا كان الحديث المرسل في اصطلاح المحدثين هو: ما سقط منه الصحابي، كان يقول التابعي:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " بخلاف المنقطع والمعضل؛ فإن المرسل في اصطلاح الأصوليين هو: قول العدل الثقة: "قال