وأن ما سوى ذلك مكي باتفاق، وهو اثنتان وثمانون سورة، فيكون مجموع القرآن مائة وأربع عشرة سورة.
ولا يقصد بوصف السورة بأنها مكية أو مدنية أنها بأجمعها كذلك، فقد يكون في المكية بعض آيات مدنية، وفي المدنية بعض آيات مكية، ولكنه وصف بحسب أكثر آياتها.
ولذلك يأتي في التسمية: سورة كذا مكية إلا آية كذا فإنها مدنية، وسورة كذا مدنية إلا آية كذا فإنها مكية، كما نجد ذلك في المصاحف.
المكي والمدني:
للعلماء في المكي والمدني ثلاثة آراء اصطلاحية، كل رأي منها مبني على اعتبار خاص.
الأول: اعتبار زمن النزول، فالمكي ما نزل قبل الهجرة، وإن كان بغير مكة، والمدني ما نزل بعد الهجرة، وإن كان بغير المدينة. فما نزل بعد الهجرة ولو بمكة أو عرفة أو غيرهما مدني، كالذي نزل عام الفتح أو بحجة الوداع، كقوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا} ١.
وهذا الرأي أولى من الرأيين بعده لحصره واطراده.
الثاني: اعتبار مكان النزول، فالمكي ما نزل بمكة وما جاورها، كمنى، وعرفات، والحديبية، والمدني، ما نزل بالمدينة وما جاورها، كأحد، وقباء، وسلع.
ويترتب على هذا الرأي عدم ثنائية القسمة وحصرها. فما نزل بالأسفار أو بتبوك، أو بيت المقدس، لا يدخل تحت القسمة، فلا يسمى مكيا ولا مدنيا، كما يترتب عليه كذلك أن ما نزل بمكة بعد الهجرة يكون مكيا.