أثبت أسلافنا الأوائل خصوبة هذه الشريعة بالاستجابة لمتطلبات العصر بما فيه حفاظ على الدين وعون على النهوض بالأمة.
وإذا كانت الحياة متطورة تتعدد قضاياها من عصر لعصر فلا بد لرجالات الفقه الإسلامي من متابعة استنباط أحكام ما يجد من أحداث حتى لا ينحرف الناس عن الدين.
والأديان لا تعيش، ولا تزدهر، ولا تعود إلى نشاطها وشبابها إلا عن طريق الرجال النوابغ الذين يظهرون فيها حينا بعد حين.
وقد تفتح العالم الإسلامي اليوم على مشكلات جديدة لم يكن كلها أو جلها معروفا في العصور السابقة، وهي في حاجة إلى أن يواجهها علماء الإسلام بالبحث والاجتهاد والتجديد.
ولا يتأتى هذا بالأبحاث الفجة التي يقدمها بعض الناس من حين لآخر، تحمل طابع التجديد، ولا يرى القارئ فيها سوى النظرة السطحية في الكتابة أو الاستسلام أمام هذه القضايا بتطويع الإسلام لها وتحميل نصوصه وقواعده ما لا يحتمل منها، حتى يساير الإسلام أوضاع المدينة الحديثة بخيرها وشرها "عجرها وبجرها". لا يتأتى بمثل هذه الأبحاث، إنا يتأتى بالأبحاث العميقة التي تسبر غور القضايا، وترد فروعها إلى أصولها لتزنها بميزان الفقه الإسلامي، وتبتكر لها الأسلوب الجديد الذي ينمو بنمو الفقه والحياة معا.
وإذا تعذر الاجتهاد المطلق، أو اجتهاد المذهب؛ فإن الاجتهاد الجماعي أمر ممكن.
وهنا تأتي فكرة مجمع الفقه الإسلامي الذي يضم أشهر فقهاء العالم الإسلامي المستنيرين، ويضم الخبراء المختصين في شئون الاقتصاد، والاجتماع، والقانون، والطب، ونحو ذلك حتى يكون البحث الفقهي معتمدا على خبرة فنية ... والله الموفق.