أحدها: أن تكون موافقة له من كل وجه، فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتضافرها.
وهذا يعنى أن الحكم يكون له دليلان، دليل من القرآن، ودليل من السنة، ومن ذلك الأمر بإقامة الصلاة، وإبتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت والنهي عن الشرك بالله، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، وقتل النفس بغير حق، وغير ذلك من المأمورات والمهيات التي دل عليها القرآن والسنة معا.
والثاني: أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن وتفسيرا له.
ومن هذا القسم السنن التي فصلت إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والسنن التي بينت صحيح البيع وفاسده، وأنواع الربا المحرم، وسائر السنن التي بينت مجمل القرآن ومطلقه وعامه.
والثالث: أن تكون موجبة لما يسكت القرآن عن إيجابه، أو محرمة لما سكت عن تحريمه، أي أن تنشيء حكما لا يدل عليه نص في القرآن.
ومن أمثلة ذلك: تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، وتحريم لبس الحرير والتختم بالذهب على الرجال.
ولا تخرج السنة عن هذه الأقسام فلا تعارض القرآن بوجه ما.
فما كان منها زائدة على القرآن فهو تشريع مبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم تجب طاعته فيه، ولا تحل معصيته، وليس هذا تقديما لها على كتاب الله، ولكنه امتثال لما أمر الله به من طاعة رسوله، ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطاع في هذا القسم لم يكن لطاعته معنى، وسقطت طاعته المختصة به.
فكيف يمكن لأحد من أهل العلم ألا يقبل حديثا زائدا على كتاب الله، فلا يقبل حديث تحريم المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا حديث التحريم بالرضاعة لكل ما يحرم من النسب.