للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يتموا الصلاة فوقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي كانت بإزاء العدو فصلوا معه الركعة التي بقيت عليه ثم انصرفت وقامت الطائفتان معاً فأتموا لأنفسهم.

قال الشافعي: فإن قال قائل: كيف أخذت بحديث خوات بن جبير دون حديث ابن عمر قيل لمعنيين: أحدهما موافقة القرآن وأن معقولاً فيه أنه عدل بين الطائفتين وأحرى أن لا يصيب المشركون غرة من المسلمين، فإن قال: فأين موافقة القرآن؟ قلت: قال الله: "وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك" إلى "أسلحتهم".

قال الشافعي: فذكر الله صلاة الطائفة الأولى معه، قال: "فإذا سجدوا" فاحتمل أن يكون إذا سجدوا ما عليهم من السجود كأنهم كانوا من ورائهم ودلت السنة على ما احتمل القرآن من هذا فكان أولى معانيه والله أعلم، وذكر الله بالطائفتين من الصلاة ولم يذكر على واحدة من الطائفتين ولا على الإمام قضاء، وهكذا حديث خوات بن جبير قال: ولما كانت الطائفة الأولى مأمورة بالوقوف بإزاء العدو في غير صلاة كان معلوماً أن الواقف في غير صلاة يتكلم بما يرى من حركة العدو وإرادته ومدداً إذا جاءه فيفهمه عنه الإمام والمصلون فيخفف أو يقطع أو يعلمونه أن حركتهم حركة لا خوف فيها عليهم، فيقيم على صلاته مطيلاً لا معجلاً وتخالفهم الطائفة التي بإزائهم أو بعضها وهي في غير صلاة، والحارس في غير صلاة أقوى من الحارس مصلياً فكان أن تكون الطائفة الأخرى إذا حرست الأولى وإذا صارت مصلية والحارسة غير مصلية أشبه من أن تكون الأولى قد أخذت من الآخرة ما لم تعطها والحديث الذي يخالف حديث خوات بن جبير تكون فيه الطائفتان معاً في بعض الصلاة ليس لهما حارس إلا الإمام وحده وإنما أمر الله إحدى الطائفتين بحراسة الأخرى والطائفة الجماعة لا الإمام الواحد قال: وإنما أراد الله أن لا يصيب المشركون غرة من أهل دينه وحديث خوات بن جبير كما وصفنا أقوى من المكيدة وأحصن لكل

<<  <   >  >>