قلت: فهو عليك إن كان على ما ذكرته وليس لك إن كان كما قلنا، قال: فما تقول؟ قلت: أقول إنه مثل حديث ابن مسعود غير مخالف حديث ذي اليدين، فقال: فإنكم خالفتم حين فرعتم حديث ذي اليدين، قلت: فخالفناه في الأصل، قال: لا ولكن في الفرع، قلت: فأنت خالفته في نصه ومن خالف النص عندك أسوأ حالاً ممن ضعف نظره فأخطأ التفريع، قال: نعم، وكل غير معذور.
قال الشافعي: فقلت له: فأنت خالفت أصله وفرعه ولم نخالف نحن من أصله ولا من فرعه حرفاً واحداً فعليك ما عليك في خلافه وفيما قلت من أنا خالفنا منه ما لم نخالفه قال: فأسألك حتى أعلم: أخالفته أم لا؟ قلت: فسل، قال: ما تقول في إمام انصرف من اثنتين؟ فقال له بعض من صلى معه: قد انصرفت من اثنتين، فسأل آخرين فقالوا: صدق، قلت أما المأموم الذي أخبره والذين شهدوا أنه صدق وهم على ذكر من أنه لم يقض صلاته فصلاتهم فاسدة، قال: فأنت تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى وتقول: قد قضى معه من حضر وإن لم تذكره في الحديث، قلت: أجل، قال: فقد خالفته قلت: لا ولكن حال إمامنا مفارقة حال رسول الله، قال: فأين افتراق حاليهما في الصلاة والإمامة؟ قال: فقلت له: إن الله كان ينزل فرائضه على رسوله فرضاً بعد فرض فيفرض عليه ما لم يكن فرضه عليه ويخفف عنه بعض فرضه، قال: أجل، قلت: ولا نشك نحن ولا أنت ولا مسلم أن رسول الله لم ينصرف إلا وهو يرى أن قد أكمل الصلاة، قال: أجل، قلت: فلما فعل لم يدر ذو اليدين أقصرت الصلاة بحادث من الله أم نسي النبي وكان ذلك بيناً في مسألته إذ قال: أقصرت الصلاة أم نسيت. قال: أجل، قلت: ولم يقبل النبي من ذي اليدين إذ سأل غيره قال: أجل، قلت: ولما سأل غيره احتمل أن يكون سأل من لم يسمع كلامه فيكون مثله، واحتمل أن يكون سأل من سمع كلامه ولم يسمع النبي رد عليه فلما لم يسمع النبي رد عليه كان في معنى ذي اليدين من أنه لم يستدل النبي بقوله ولم يدر أقصرت الصلاة أم نسي النبي فأجابه ومعناه معنى ذي اليدين من أن الفرض عليهم جوابه، ألا ترى أن النبي لما أخبروه فقبل