للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشتغل بذلك أهل الهذر والنوك والجهل؛ وإنما غرضنا منها الفرق بين المسميات، وما يقع به إفهام بعضنا بعضاً فقط. فقد أرسل الله تعالى رسلاً بلغات شتى، والمراد بها معنى واحد، [٨ ظ] فصح أن الغرض إنما هو التفاهم فقط، ولا بد لكل ما دون الخالق تعالى من أن يكون مرسوماً ومحدوداً (١) ضرورة، لأنه لا بد أن يوجد له معنى يميز به طبعه مما سواه، عرضاً كان أو جوهراً (٢) . وقد سمى المتقدمون الاسم في هذا المكان " موضوعاً "، فإذا سمعتهم يقولون " الموضوع " فإنما يعنون الاسم المراد بيانه بالرسم أو بالحد، فكل محدود مرسوم وليس كل مرسوم محدوداً، لأن كل حد فهو تمييز للمحدود مما سواه، وكل رسم فهو تمييز للمرسوم (٣) مما سواه؛ فكل حد رسم وبعض الرسم حد، وليس كل رسم لطبيعة المرسوم ولا مبيناً لها (٤) ، وكل حد فهو مميز لطبيعة المحدود ومبين لها (٥) ، فليس كل رسم حداً فالرسم أعم من الحد.

فالرسم المطلق الكلي (٦) ينقسم قسمين: قسم يميز طبيعة المرسوم فهو رسم وحد، وقسم لا يميزها فهو رسم لا حد. وعبر الأوائل عن الحد بأنه: " قول وجيز دال على طبيعة الموضوع مميز له من غيره "، وعبرت عن الرسم بأنه: " قول وجيز مميز للموضوع من غيره ". والحد محمول في المحدود والرسم محمول في المرسوم، لأن كل واحد منهما صفات ما هو فيه. فإذا كان التمييز مأخوذاً من جنس الشيء المراد تمييزه ومن فصوله كان حداً ورسماً، وإذا كان مأخوذاً من خواصه وأعراضه كان رسماً لا حداً.

قال أبو محمد (٧) : هذه عبارة المترجمين وفيها تخليط لأنهم قطعوا على أن الرسم ليس مأخوذاً من الأجناس والفصول، وأنه إنما هو مأخوذ من الأعراض [والخواص] . ثم لم يلبثوا أن تناقضوا فقالوا: إن كل حد رسم، فأجبوا أن الحد مأخوذ من الأعراض وأن بعض الرسم مأخوذ من الفصول، وهذا ضد ما قالوه قبل. وأيضاً فإنهم قالوا: إن


(١) س: ومحدوده.
(٢) لأنه لا بد.... جوهراً: سقط في م.
(٣) س: المرسوم.
(٤) لها: سقطت من م.
(٥) س: ومميز.
(٦) المطلق الكلي: سقط من س.
(٧) س: قال الشيخ؛ وهذه الفقرة متقدمة عن موضعها في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>