للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذهب تحامله إن رجا العفو، وإما أن يصير القلق حزناً وأسفاً إن تخوف الهجر.

ويعرض للمحب الاستكانة لجفاء المحبوب عليه، وسيأتي مفسراً في بابه إن شاء الله تعالى.

ومن أعراضه الجزع الشديد والحيرة (١) المفظعة تغلب عندما يرى من إعراض محبوبه عنه ونفاره منه، وآية ذلك الزفير وقلة الحركة والتأوه وتنفس الصعداء. وفي ذلك أقول شعراً منه:

جميل الصبر مسجون و: ... (٢) دموع العين سارحة ومن علاماته أنك ترى المحب يحب أهل محبوبه وقرابته وخاصته حتى يكونوا أحظى لديه من أهله ونفسه ومن جميع خاصته.

والبكاء من علامات المحب ولكن يتفاضلون فيه، فمنهم غزير الدمع هامل الشؤون تجيبه عينه وتحضره عبرته إذا شاء، ومنهم جمود العين عديم الدمع، وأنا منهم. وكان الأصل في ذلك إدماني أكل الكندر (٣) لخفقان القلب، وكان عرض لي في الصبا، فإني لأصاب بالمصيبة الفادحة فأجد قلبي يتفطر ويتقطع، وأحس في قلبي غصة أمر من العلقم تحول بيني وبين توفية الكلام حق مخارجه، وتكاد تشرقني


(١) قرئت: والحمرة المقطعة؛ وعند برشيه: والحيرة المقطعة.
(٢) أقدر انهما بيتان حذف عجزاهما وما يلي من أبيات او انه بيت واحد اضطرب الناسخ في إيراده اضطراباً لا يجدي معه تغييره كما فعل الأستاذ حسن كامل الصيرفي إذ جعله:
جميل الصبر مسجون ... ودمع العين مسفوح فهو تصحيح للوزن لا غير، لكنا لا ندري كيف كان البيت على وجه الحقيقة؛ وأرجح انه هو البيت الذي سيرد في الباب الثاني عشر:
دموع الصب تنسفك ... وستر الصب ينهتك (على ان نقرأ: وستر الصبر منهتك)
(٣) الكندر بالفارسية هو اللبان بالعربية، وقد قال ابن سينا أنه مقو للروح الذي في القلب والذي في ادماغ، وقال الرازي أنه ينفع اخفقان (انظر مادة كندر في مفردات ابن البيطار ٤: ٨٣ - ٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>