للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المركب: من الحر والبرد واليبس والرطوبة، فالمتضادة هي إذا ما وقع أحدهما أرتفع الآخر وبينهما وسائط (١) . والمتنافية هي ما اقتسم أيضاً طرفي البعد ولا وسائط بينهما وكانا إذا ارتفع أحدهما وقع الآخر، وذلك مثل الحياة والموت والاجتماع والافتراق وصحة العضو ومرضه وما أشبه ذلك. وقولنا في هذا المكان: " الحياة والموت " إنما هي مسامحة (٢) لا تحقيق، وإنما أردنا بذلك اجتماع النفس مع الجسد المركب من العناصر فعن هذا عبرنا بالحياة، وأردنا بقولنا الموت مفارقة النفس للجسد المذكور، فهذا الاجتماع والافتراق هما المتنافيان. وأما الحياة التي هي الحس والحركة الإرادية فهي جوهرية في النفس لا تفارق النفس أبداً، وإذ ذلك كذلك فلا ضد للحياة على الحقيقة، لأن الضد مع ضده أبداً واقعان متعاقبان على شيء (٣) واحد، وكذلك المتنافيان. والمواتية أيضاً على الحقيقة هي عدم الحس والحركة الإرادية وإنما هذا في الجمادات. فالموت إذاً (٤) جوهري أيضاً غير مفارق لها بوجه من الوجوه، فلا ضد للمواتية أيضاً على الحقيقة على هذا الوجه ولا منافي لها أيضاً ولا للحياة. والجسد المركب من الطبائع الأربع مواتي أبداً لا حياة له بوجه من الوجوه أصلاً [٣٢و] وإنما الحياة للنفس المتخللة له، ولكنا اضطررنا إلى التعبير بالحياة والموت عن اجتماعها مع الجسد المذكور ومفارقتها إياه لعادة الناس في استعمال هاتين (٥) العبارتين عن هذين المعنيين فأردنا التقريب والإفهام كما ترى. فمتى رأيت في كتابنا هذا أن الموت ضد الحياة فهذا الذي أردنا فلا تظن بنا خطأ في هذا المعنى، وقد قال بعض أهل الشريعة: إن العلم يضاد الموت، وهذا كلام فاسد، لأن النفس بعد مفارقتها للجسد هي أثبت ما كانت قط (٦) علماً، والجسد المركب لا يعلم شيئاً.

والفرق بين المنافي والمضاد أن الضدين بينهما وسائط ليست (٧) من أحد الضدين


(١) فالمتضادة ... وسائط: سقط من م.
(٢) س: مشاحة.
(٣) س: على كل شيء.
(٤) فالموت إذاً: سقط من م.
(٥) س: لعادة الناس لهاتين.
(٦) قط: سقطت من م.
(٧) م: ليسا.

<<  <  ج: ص:  >  >>