للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما في ذلك أن تجيب على أحد وجهي الكلام اللذين هما إما نفي المخبر عنه جملة وإما نفي الصفة عنه، فتكون مجيباً قبل تحقيق السؤال وتصحيحه، فيلزمك نقص الفهم والجور في الحكم.

وإذا أردت نفي ما أوجب خصمك نفياً تاماً صحيحاً فلا بد لك من أنك إنما تريد نقض بعضه أو نقض كله، فإن أردت نقض بعضه فبين ذلك، وإن أردت نقض كله فلا بد من أن يجمع كلامك ثمانية شروط وإلا فليس نقضاً تاماً: أحدها (١) : أن يكون الموضوع فيما أوجب هو وفيما نفيت أنت واحداً، فإن كانا اثنين وقع الشغب، وذلك مثل قول القائل: الموجود محدث، فيقول الآخر: الموجود ليس محدثاً، فهذا فساد في بنية الكلام، وليس أحد الكلامين نقضاً للآخر، لأن الباري عز وجل موجود، وليس محدثاً، والعالم موجود وهو محدث، ونحو ذلك عرض لأصحابنا من أهل السنة والمعتزلة فإنهم أكثروا التنازع والخوض حتى كفر بعضهم بعضاً، فقالت المعتزلة: القرآن مخلوق، وهم يعنون العبارة المسموعة، وقال أصحابنا: القرآن لا مخلوق (٢) ، وهم يعنون علم الباري عز وجل. والثاني: أن يكون المحمول الذي أوجب أحدهما هو المحمول الذي نفى الآخر لا غيره أصلاً، وذلك مثل قائل قال (٣) زيد عالم، فقال مخالفه: زيد ليس بعالم، فإن عنى أحدهما عالماً بالنحو، وعنى الآخر عالماً بالفقه لم تتناقض قضيتاهما. والثالث: أن يكون الجزء الذي فيه استقر الحكم من الموضوع واحداً في كلتا القضيتين لا غيره كقائل قال: زيد أسود، يريد أسود الشعر، فيقول الآخر: زيد ليس بأسود، يريد اللون أو العين. والرابع: أن يكون الجزء من المحمول في القضيتين واحداً لا متغايراً كقائل قال (٤) : زيد ضعيف، فيقول الآخر: زيد ليس بضعيف، يريد أحدهما ضعف الجسم بالبنية الكلية، والآخر نفي ضعف الجسم بالمرض الذي هو جزء من أجزاء [٤٠و] الضعف. والخامس: أن يكون الزمان الذي أثبت فيه أحدهما ما أثبت هو الزمان الذي نفى فيه الآخر


(١) م: وهي؛ ثم حذف العدّ واستعمل لفظة " ومنها ".
(٢) وهم يعنون ... مخلوق: سقط من س.
(٣) س: مثل قول القائل.
(٤) س: كقول القائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>