للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقليد أو الإيهام (١) أو ترك طلب الحق. وكل هذه الوجوه باطل فاسد فإذا بطلت صح الجدال. فهذا الذي قلنا حصر للخصم إلى هذا الوجه من وجوه البرهان فيراجع الحق أو ينقطع إما بسكوت أو بهتان يأتي به.

وقد ذكرنا في باب أقسام المعارف ما يعارض به الخصم الجاهل من أشياء يعدها الجاهل حجة وليس حجة (٢) أصلا فوجب أن يكف ضرر جهلهم بها على كل حال.

واعلم أن من الخطاء معارضة الخطاء بالخطاء في المناظرة مثل أن يقول السائل للمسؤول: أنت تقول كذا أو لم تقل كذا، فيقول المجيب: وأنت تقول أيضا (٣) كذا أو لأنك أنت أيضا تقول كذا (٤) ، فيأتيه بمثل ما أنكر هو عليه أو أشنع، فهذا كله خطاء فاحش وعار عظيم واقتداء بالخطاء اللهم إلا في [٨٦و] مكانين: أحدهما أن يكون القول الذي اعترض به المجيب قولا صحيحا ينتج ما يقول هو، فهذا وجه فاضل وقطع للسائل. وذلك كمعتزلي قال لآخر: لم قلت إن الله تعالى خالق (٥) الشر فقال لأنك تقول معي إن الله تعالى خلق (٦) جميع العالم من جواهره وأعراضه، والشر عرض، فالله تعالى خالق الشر. فهذه معارضة صحيحة إلا أن ظاهر لفطها غير محكم لأنه في الظاهر إنما جعل علة قوله بما يقول قول خصمه بما يقول، فلزمه (٧) أنه لولا قول خصمه بذلك لم يقل هو بما قال. وهذا خطاء وإنما الصواب أن يقول: لقيام البرهان على أن الله تعالى خالق الجوهر والعرض ثم يمضي في مسألته. والوجه الثاني هو أن يكون السائل مشغبا يقصد التشنيع والإغراء والتوبيخ


(١) م: الإلهام.
(٢) الخصم الجاهل ... حجة: سقط من م.
(٣) م: أيضاً تقول.
(٤) أو لأنك ... كذا: سقط من م.
(٥) م: خلق.
(٦) م: خالق.
(٧) م: فيلزمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>