للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقصد طلب حقيقة، فهذا واجب أن يكسر غربه ويردع عيبه (١) بمثل هذا فقط ولا يناضر بأكثر من ذلك، إذ الغرض كف ضرره فقط، ولا يكف ضرره بمناظرة (٢) صحيحة أصلا فلا شيء أكف لضرره مما ذكرنا.

واعلم أنه لا يجوز أن يصحح الشيء بنفسه البتة، وجائز أن يبطل بنفسه، ولا تظن أن الأوائل التي منها يؤخذ البرهان صححت بأنفسها فتخطىء، بل تلك أشياء قد ذكرنا أن الخلقة صححتها وأنه لم يخل ذو الفهم قط من معرفة صحتها. ولا تظن أيضا أن إبطال الشيء بنفسه تصحيح له فتخطئ ولم يبطل بنفسه من أجل أنه صحح إبطاله به فكان حينئذ يكون مصححا مبطلا وذلك محال، لكن لما أبطل نفسه أيقنا أنه باطل لأن الحق الصحيح لا يبطل أصلا، ولأنه نقض حكمه، فكل (٣) ما انتقض فباطل. وليس قول من قال مبطلا للنظر: إن النظر لا يصحح (٤) بالنظر، قولا صحيحا، لأن النظر الذي به تصحح (٥) الأشياء هو ردها إلى المقدمات الأوائل التي قد (٦) قضى الطبع بصحتها، فما رجع (٧) إليها فشهدت له فهو صحيح، وما لم يرجع إليها فهو فاسد، فهذا النظر هو النظر الذي به تصح الأشياء لا أن (٨) النظر إنما صح (٩) بنظر آخر (١٠) . وإذا انقطع الخصم (١١) فقد انقطعت المناظرة فلهما حينئذ أن يبتدئا سؤالا ثانيا. وللمنقطع حينئذ أن يقول: أنا أسألك سؤالا يتصل بمسألتنا وألزمك أنك قائل كقولي الذي أنكرت عليّ. وليس للآخر أن يمتنع من ذلك، فإن امتنع فهو متسلل ضعيف، فإن وفى الآخر بشرطه فكلاهما ملوم إن لم يرجعا إلى الحق إذا عجز المسؤول


(١) م: حمقه؛ س: حيبه.
(٢) م: بمناقضة.
(٣) م: وكل.
(٤) س: يصح.
(٥) س: تصح.
(٦) قد: سقطت من م.
(٧) س: رجعت.
(٨) س: لأن.
(٩) س: يصح.
(١٠) آخر: سقطت من م.
(١١) س: الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>