للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعزتهم (١) فالحق أكثر منهم وأقدم وأعز وأعظم عند كل أحد وأولى بالتعظيم.

وإذا شئت أن تتيقن فساد مراعاة ما ذكرنا فتأمل أهل كل ملة وكل أمة، فإنك تجدهم مطبقين على تعظيم أسلافهم وصفتهم بكل فضيلة وبكل خير وذم أسلاف من خالفهم. وتأمل كل قول يقال، فقد كان القائلون به في أول أمره (٢) قليلا، وأكثر ذلك يرجع إلى واحد ثم كثر أتباعه. وفتش كل قول قديم تجده قد كان ابن ساعة بعد أن لم يكن، ثم مرت عليه الأيام والشهور والسنون والدهور. فاعلم أن مراعاة هذه الأمور من ضعف العقل وقلة العلم.

ولا تبال (٣) أيضا وان (٤) كانوا فضلاء على الحقيقة (٥) فقد يخطئ الفاضل ما لم يكن معصوما. ولو أن ذلك الفاضل لاح له ما لاح لك لرجع إليك ولو لم يفعل لكان غير فاضل. وأخبرك بحكاية لولا رجاؤنا في أن يسهل بها الإنصاف على من لعله ينافره (٦) ما ذكرناه، وهي: أني ناظرت رجلا من أصحابنا في مسألة فعلوته فيها لبكوء كان في لسانه، وانفصل المجلس على أني ظاهر، فلما أتيت منزلي حاك في نفسي منها شيء، فتطلبتها في بعض الكتب فوجدت برهانا صحيحا يبين بطلان قولي وصحة قول خصمي، وكان معي أحد (٧) أصحابنا ممن (٨) شهد ذلك المجلس فعرفته بذلك، ثم رآني (٩) قد علمت على المكان من الكتاب، فقال لي (١٠) ما تريد فقلت: أريد (١١) حمل هذا الكتاب وعرضه على فلان وإعلامه بأنه المحق وأني كنت المبطل وأني راجع (١٢) إلى قوله. فهجم عليه من ذلك أمر مبهت وقال لي: وتسمح


(١) س: بعدتهم.
(٢) م: مرة.
(٣) س: تبالي.
(٤) م: وإن.
(٥) على الحقيقة: سقطت من م.
(٦) س: ينافر.
(٧) م: معي آخر من.
(٨) م: قد.
(٩) س: ثم إني.
(١٠) لي: سقطت من م.
(١١) أريد: سقطت من س.
(١٢) س: راجعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>