للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسك بهذا! فقلت له: نعم، ولو أمكنني ذلك في وقتي هذا لما (١) أخرته إلى غد.

واعلم أن مثل (٢) هذا الفعل يكسبك أجمل الذكر مع تحليك بالإنصاف الذي لا شيء يعدله. ولا يكن غرضك أن توهم نفسك أنك غالب، أو توهم من حضرك ممن يغتر بك ويثق بحكمك أنك غالب، وأنت بالحقيقة مغلوب، فتكون خسيسا وضيعا جدا وسخيفا البتة وساقط الهمة وبمنزلة (٣) من يوهم نفسه أنه ملك مطاع وهو شقي منحوس، أو في نصاب من يقال له إنك أبيض مليح وهو أسود مشوه، فيحصل مسخرة ومهزأة عند أهل العقول الذين قضاؤهم هو الحق.

واعلم أن من رضي بهذا فهو مغرور (٤) وسبيله سبيل صاحب الأماني فإنها (٥) بضائع النوكى؛ والمغرى بها يلتذ بها (٦) [٨٨ظ] حتى إذا ثاب إليه عقله ونظر في حاله علم أنه في أضاليل وأنه ليس في يده شيء.

وإياك والالتفات إلى من يتبجح بقدرته في (٧) الجدل فيبلغ به الجهل والنوك (٨) إلى أن يقول: إني قادر على أن أجعل الحق باطلا والباطل حقا، فلا تصدق مثل هؤلاء الكذابين فإنهم سفلة أرذال (٩) أهل كذب وشر ومخرقة.

واعلم أنه لا سبيل إلى ذلك لأحد ولا هو في قوة مخلوق أصلا، والتمويهات كلها قد بينتها لك، وهي مضمحلة، إذا حصلت وفتشت لم توجد إلا دعاوى (١٠) وحماقات. ومن فاحش ما يعرض في هذه السبل أن يلوح البرهان للمرء فيحدوه الالف


(١) س: ما.
(٢) مثل: سقطت من س.
(٣) س: بمنزلة.
(٤) س: معذور؛ م: فمغرور.
(٥) س: وإنها.
(٦) س: فيها.
(٧) م: على.
(٨) والنوك: سقطت من س.
(٩) م: أنذال.
(١٠) س: دعاو.

<<  <  ج: ص:  >  >>