للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن سليمان البلوي (١) من أهل سبتة، وكان شاعراً مفلقاً. وهو ينشد لنفسه في صفة متجن معهود أبياتاً له، منها: [من الطويل]

سريع إلى ظهر الطريق وإنه ... إلى نقض أسباب المودة أسرع

يطول علينا أن نرقع وده ... إذا كان في ترقيعه يتقطع فوافق إنشاد البيت الأول من هذين البيتين خطور أبي [علي] الحسين بن علي الفاسي (٢) رحمه الله تعالى وهو يؤم أيضاً مجلس ابن أبي يزيد، فسمعه فتبسم رحمه الله نحونا وطوانا ماشياً وهو يقول: بل إلى عقد المودة إن شاء الله، هذا على جد أبي [علي] الحسين رحمه الله وفضله وتقربه وبراءته ونسكه وزهده وعلمه، فقلت في ذلك: [من الكامل]

دع عنك نقض مودتي متعمداً ... واعقد حبال وصالنا يا ظالم

ولترجعن أردته أو لم ترد ... كرهاً لما قال الفقيه العالم ويقع فيه الهجر والعتاب؛ ولعمري إن فيه إذا كان قليلاً للذة، وأما إذا تفاقم فهو فأل غير محمود، وأمارة وبيئة المصدر، وعلامة سوء، وهي بجملة الأمر مطية الهجران، ورائد الصريمة، ونتيجة التجني، وعنوان الثقل، ورسول الانفصال، وداعية القلى، ومقدمة الصد، وإنما يستحسن إذا لطف وكان أصله الإشفاق؛ وفي ذلك أقول: [من الوافر]

لعلك بعد عتبك أن تجودا ... بما منه عتبت وأن تزيدا


(١) عبد الرحمن بن سليمان البلوي أبو بكر كان أديباً شاعراً من أهل العلم (الجذوة: ٢٥٤ والبغية رقم: ١٠١٤) .
(٢) الحسين بن علي الفاسي أبو علي، كان من أهل العلم والفضل مع العقيدة الخالصة والنية الجميلة، قضى عمره في طلب العلم، ومازحه ابن حزم يوماً قائلاً: متى تنقضي قراءتك على الشيخ (يعني عبد الرحمن بن أبي يزيد الأزدي) فأجابه: إذا انقضى أجلي (انظر ترجمته في الجذوة: ١٨١، والبغية رقم: ٦٤٨ والصلة: ١٣٨ وسماه " الحسن ") .

<<  <  ج: ص:  >  >>