الغاية السليمة التي يمكن أن يسعى إليها الفرد مطمئنا، يقول ابن حزم:" فاعلم أنه مطلوب واحد وهو طرد الهم، وليس إليه إلا طريق واحد وهو العمل لله تعالى، فما عدا هذا فضلال وسخف.
ويظهر أن ابن حزم يؤمن بقوة الطمع في تكبير جانب الشر في الحياة، ومن ثم آمن بان الهم دائما شر، ولكنه نسي أن الأكل والشرب والزواج واللعب وغيرها من الأمور التي تقوم بها الحياة الانسانية ليست شراً وإن سخرت لطرد الهم، وأن التوجه إلى الله تعالى لا يقضي عليها، بل هي متجددة لأنها ضرورية، ومن ثم يصبح طرد الهم ملازماً لبقاء الحياة الانسانية لا يزول إلا بزوالها. فإذا ارتبطت هذه الأمور كلها بغاية واحدة، وهي التوجه إلى الله تعالى فليس ذلك طرداً للهم، ولكنه تهوين لشأنه، وتقليل لأثره في السعي والعمل الانساني على ظهر هذه الأرض.
ومن الملاحظة يتبين لنا أن ابن حزم يقترب في بعض نظراته الاجتماعية من رجال المدرسة النفسية، فنظرية " الطمع " تشبه إلى حد كبير ما يقال عن الغرائز وأثرها، بل إن اتخاذ اسم واحد للدوافع في نفس الفرد يقترب من رأي فرويد في حصره جميع الطاقات الغريزية في الانسان تحت اسم " لبيدو " واتخاذه غريزة الجنس متمثلة لكل الطاقات والقوى. أما طرد الهم فيمكن ان يشمل ما يسمى في علم النفس الجماعي، " الصراع النفسي والاجتماعي " وهذان النوعان من الصراع قد يحتوي أحدهما الآخر، وقد يستقل عنه، ولكن في الربط بين طرد الهم وفكرة التوجه إلى الله يقترب ابن حزم من فكرة " الصراع الاجتماعي " الذي يتمثل في توجيه الرغبات الدنيوية نحو غاية مثالية.
ومهما يقل في نقد الآراء الاجتماعية التي أوردها ابن حزم يزال بعض تلك الآراء يقربه إلى أنفسنا. فنحن نحس كأن ابن حزم يتحدث عن مشكلاتنا الحاضرة وهو يقول: أشد الأشياء على الناس الخوف والهم والمرض والفقر. ونحن أيضاً نعجب إعجاباً بالغا بنفاذ