للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٦ - العجب أصل يتفرع عنه التيه والزهو والكبر والنخوة والتعاطي (١) وهذه أسماء واقعة على معان متقاربة، ولذلك صعب الفرق بينها على أكثر الناس، فقد يكون العجب لفضيلة في المعجب ظاهرة: فمن معجب بعلمه فيكفهر ويتغلق (٢) على الناس، ومن معجب بعمله فيترفع ويتعاطى (٣) ، ومن معجب برأيه فيزهو على غيره، ومن معجب بنفسه فيتيه، ومن معجب بجاهه وعلو حاله فيتكبر وينتخي (٤) .

١٦٧ - وأقل مراتب العجب أن تراه يتوقر عن الضحك [في مواضعه] (٥) وعن خفة الحركات وعن الكلام إلا فيما لابد له منه من أمور دنياه، وعيب هذا أقل من عيب غيره، ولو فعل هذه الأفاعيل على سبيل الاقتصار على الواجبات وترك الفضول لكان ذلك فضلاً وموجباً لحمدهم، ولكنهم إنما يفعلون ذلك احتقاراً للناس وإعجاباً بأنفسهم، فحصل لهم بذلك استحقاق الذم، و " إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ". حتى إذا زاد الأمر، ولم يكن هنالك تمييز يحجب عن توفيته العجب حقه ولا عقل جيد، حدث من ذلك ظهور الاستخفاف بالناس واحتقارهم بالكلام وفي المعاملة، حتى إذا زاد على ذلك وضعف التمييز والعقل ترقى ذلك إلى الاستطالة على الناس بالأذى باللسان واليد والتحكم والظلم والطغيان (٦) واقتضاء الطاعة لنفسه والخضوع لها إن أمكنه ذلك. فإن لم يقدر على ذلك امتدح بلسانه واقتصر على ذم الناس والاستهزاء بهم.

١٦٨ - وقد يكون العجب لغير معنى ولغير فضيلة في


(١) م: التعالي.
(٢) ينغلق: يغضب ويحتد ويبدي ضيق خلقه.
(٣) د: ويتعالى.
(٤) ينتخي: يفتخر ويتعظم.
(٥) زيادة من د.
(٦) م: بالأيدي واللسان والتحكم والطغيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>