للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهن العفاف، وأي عفاف مع امرأة أقصى مناها وسرورها الشهرة في هذا المعنى " (١) .

ولما كان الحديث المتصل بالواقع قد يتناول أشخاصاً أحياء او أشخاصاً ذوي مقام اجتماعي مرموق، فإن ذكر أسمائهم متصلا بتلك الأحداث قد يسيء إلى سمعتهم أو يعد تشهيراً بهم، ولهذا اقتصر ذكر الأسماء على من لا ضرر في تسميتهم، إما لأن الحادثة مشهورة قد تناقلها الناس وعرفوا صاحبها فلم يعد ذكر اسمه زائداً في جلب الأذى لسمعته، وخاصة إذا كان هؤلاء الناس قد أصبحوا في ذمة التاريخ مثل: الرمادي وحكايته في حب " خلوة "، أو ابن زمان وحبه لأسلم، وغما لان المخبر عنه راض بنقل ذلك الخبر غير منكر شيئاً على ناقله. والأمر أسهل إذا كان المتحدث عنه إنساناً سيء السمعة، معروفاً بذلك بين الناس، قد بلغ من سقوطه حداً لا يؤثر فيه الذيوع، كما كان حال عبيد الله بن يحيى الأزدي المعروف بابن الجزيري. وقد كان إخفاء الأسماء في بعض الأحيان - معيناً لابن حزم على التمثيل بالحادثة الواحدة في غير موضع، لحاجته إلى تأييد مقرراته أحياناً باللجوء إلى الواقع. وهذا محض استنتاج لا أجد عليه دليلاً قاطعاً، وإنما استأنس ببعض ما أراه دليلاً معقولاً، فمن ذلك مثلاً أنه يخفي الاسم مرة فيقول في حال صفاء محبين عدما الرقباء وأمنا الوشاة أنه يخفي الاسم مرة فيقول في حال صفاء محبين عدما الرقباء وأمنا الوشاة وسلما من البين ورغبا عن الهجر: " ولقد رأيت من اجتمع له هذا كله إلا أنه كان دهي في من كان يحبه بشراسة أخلاق ودالة على المحبة فكانا لا يتهنيان العيش ولا تطلع الشمس إلا وكان بينهما خلاف فيه، وكلاهما كان مطبوعاً بهذا الخلق، لثقة كل واحد منهما بمحبة صاحبه، إلى أن دبت النوى بينهما فتفرقا بالموت المرتب


(١) آخر فقرة في الباب: ١٣ (باب الاذاعة: ١٥٢) . ونلحظ أن ابن حزم تخلص من الصبغة البدوية التي تطغى على كتاب الزهرة، كما تخلص من " التعليلات " الطبية شبه العلمية التي شغف بها ابن داود، ولم يستخدم معلوماته شبه العلمية إلا نادرا كالحديث عن المرايا والمغناطيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>