كانت نفسه تبحث عن صنوها فتجده في كل أنثى من الأربع تباعاً أو أنه عن طريق الاستحسان الجسدي كان يسلك الطريق إلى قلب المحبوب من الواضح أن الأمر الثاني هو الأصح، وهكذا يقال في الحكايات الكثيرة التي أوردها في كتابه؛ ولهذا يسقط القول بان الحب عند ابن حزم أفلاطوني.
ويعطي ابن حزم للحب الأول قوة الانطباع المحفور في الذوق إلى الأبد، فبعض الناس إذا أحب فتاة وقصاء او فوهاء أو شقراء جرى ذوقه طول حياته - على استحسان ما ألفه من صفة مميزة في محبوبه الأول إذا فقده، ويعلل ذلك بالحنين إلى الحب الأول.
ويتميز الحب الذي يسمى عشقاً عن سائر ضروب المحبة - في رأي ابن حزم - بأنه لا يفنى إلا بالموت، وانه يتقبل الخبل والوسواس وتبدل الطبائع والنحول والزفير، أي أنه لا ينقضي لأن علته دائمة (وهي في زعمه اتصال بين النفوس) بينما تقتضي ضروب المحبة الأخرى بانقضاء عللها. ومن تلك الضروب:
١ - محبة المتحابين في ذات الله.
٢ - محبة القرابة.
٣ - محبة الألفة والاشتراك في المطالب.
٤ - محبة التصاحب والمعرفة.
٥ - محبة البر يضعه المرء عند أخيه.
٦ - محبة الطمع في جاه المحبوب.
٧ - محبة المتحابين لسر يلزمهما ستره.
٨ - محبة بلوغ اللذة وقضاء الوطر.
وقد ترقى ابن حزم من هذه النظرة إلى القول (في رسالته: مداواة النفوس) بان المحبة ليست ضروباً وإنما هي جنس واحد، وغنما قدر الناس أنها تختلف لاختلاف الأغراض، واختلاف الأغراض فيها ناشئ