للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنساني هو ابن حزم، لأنه يأخذ بنظرة المؤرخ الاجتماعي دون أن يتخلى عن حد هام في الموقف الديني وهو " البعد عن الكبيرة " وما عداها فقد يكون من اللمم الذي يشمله الغفران، ولولا الفصل الذي عقده ابن حزم عن " قبح المعصية " لما اضطر إلى أن يظهر بمظهر المتناقض أحياناً في رسالته، فهي رسالة ترصد العلاقات العاطفية والمواقف النفسية.

ولو أنا رصدنا فيها ظاهرة الحب كما تتمثل في المجتمع الأندلسي، لخرجنا من ذلك بالجدول الآتي:

١ - حب بين ذكر وأنثى: ٤٠ حالة (منها ٦ حالات تعد المرأة فيها طالبة، ومنها ١١ حالة تتحدث عن زوج وزوجة) .

٢ - حب بين ذكر وذكر: ٧ حالات (٣ منها ذكر فيها المحب والمحبوب، وحالتان ذكر فيهما المحب فقط، وحالتان أبهم فيهما اسم المحب والمحبوب) .

٣ - حالت مبهمة (١) : ٢٣ حالة.

وهبنا تغاضينا في هذا الإحصاء عن أن المثل الواحد يصح شاهداً في عدة مواضع، وقبلنا بالأرقام كما جاءت، فإن الحالات المبهمة لا تمكننا من البت بنسبة ما يسمى الحب الشاذ إلى الحب الطبيعي، ولكننا إذا قدرنا أن هذه الإبهام متعمد فان ذلك قد يرفع من نسبة الحب (رقم: ٢) في الجدول الي ما يزيد عن ٥٠./.، مع علمنا بأن المجتمع الأندلسي مجتمع تغلب عليه الجواري (٢) ، أو إن شئت قلت إنه مجتمع " غير مغلق ".

وكل هذه الحالات في " طوق الحمامة " نماذج لما يسمى العشق،


(١) يعني ليس فيها ما يدل على أن المحبوب أنثى أو ذكر لغموض التعبير، كأن يقول: فتى وحل في الحب، محبوبه يعده الزيارة. الخ.
(٢) لا علاقة لهذا الحكم بلفظة " جارية " كما وردت في رسالة طوق الحمامة، في هذا الموطن، وانظر الحديث عن ذلك فيما يلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>