للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يميز المحب أو المحبوب بصفة تدل على منزلته الاجتماعية: " فتى من أهل الجدة والحسب " " فتى من أبناء الرؤساء "، " فتى من أبناء الملوك " " جارية لبعض الرؤساء " " امرأة موسرة ذات جوار وخدم " " فتى بسبب من الرئيس والجارية تحضر مجلس بعض أكابر الملوك " وهكذا، ومرة يذكر حب شاعر لا ينتمي إلى الطبقة الثرية (وهو الرمادي) وإن كان من طبقة برجوازية بحكم ثقافته، واخرى حب ن علق بهوى وهو في حال شظف (ولعل ذلك الشظف كان مرهوناً بظروف معينة) . وذلك هو القطاع الاجتماعي الذي عرفه ابن حزم بحكم منتماه ونشأته.

وفي هذا القطاع تكثر الجواري، والجارية لفظة تدل في قصص الحب على " الفتاة "، فإذا رشحت بنوع من الوصف يميزها قطعنا أنها ليست حرة، كأن يذكر أنها بيعت أو أعتقت، أو يتحدث عنها بصفة التملك " جارية لي " " جارية لي " فرغب بعض عجائزنا إلى سيدتها " وما أشبه، وإذا رشحت بوصف من نوع آخر كانت حرة مثل " جارية من ذوات المناصب والشرف من بنات القواد " أو " امرأة من معارفي ومعها جارية من قراباتها " فمثل هذا التحديد يعين أنها حرة. ومن بين إحدى وثلاثين حالة ذكرت فيها الجواري نجد تسع عشرة منها من الرقيق، واثنتين من الحرائر، واحدى عشرة حالة مبهمة ليس من السهل أن نقطع إلى أي الفريقين تنتمي؛ وهذا كله يعتمد على ورود اللفظة نفسها في النص، فإذا أضفنا إلى ذلك أن اللواتي تزوج بهن بعض الأمراء والخلفاء مثل طروب وغزلان وصبح كن في الأصل جواري من الرقيق، ارتفع العدد كثيراً، ولهذا قلت فيما تقدم إن المجتمع الأندلسي كانت تغلب عليه الجواري، بمعنى أن الرقيق كان كثيراً، وتلك حقيقة تؤيدها المصادر الأخرى.

ولست هنا بصدد المقارنة مع ما كانت عليه الحال في المجتمع المشرقي، إذ ليس لدي تصور إحصائي أو شبه إحصائي يمكن من ذلك، ولكن إذا صح ان الجواري كن يغلبن على المجتمع الأندلسي فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>