للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضرب رجاء استبقائها على حالها، ولدينا مثال واحد يشير إلى وفاء جارية بيعت بعدما مات سيدها الأول فأبت أن تنصاع لرغبة مالكها التالي، وانكرت علمها بالغناء ورضيت بالخدمة رغم ما نالها من ضرب وتعذيب (١) .

٨ - حال المرأة من خلال طوق الحمامة:

هل يمكننا بعد ذلك أن نتحدث عن وضع المرأة عامة من خلال الطوق قد كان من الممكن أن تسعفنا هذه الرسالة على تكوين صورة دقيقة لنفسية المرأة ووضعها الاجتماعي بحيث تتجاوز الصورة ما ألف عن الانطباعات العامة، لأن مؤلفها قد علم من أسرار النساء ما لا يعلمه غيره، فهو قد ربي في حجورهن، ولم يجالس سواهن حتى أصبح في حد الشباب، وهن اللواتي علمنه القرآن وروينه كثيراً من الأشعار ودربنه في الخط، وكان همه منذ الطفولة ان يتعرف إلى أسبابهن ويبحث عن أخبارهن، مع ذاكرة لا تنسى (٢) ؛ ولكنه يعترف أنه طبع على غيرة شديدة، وسوء ظن في المرأة (٣) ، بحيث لا يصلح أن يكون شاهداً موضوعياً مجرداً من التحيز، وثمة شيء آخر وهو أن الطوق يتحدث عن العلاقات العاطفية ولا يتجاوزها إلا قليلاً، ولهذا السبب ستكون صورة المرأة فيه محدودة، في إطار ذلك الموضوع، ومع ذلك فإنها رغم ذلك هامة.

وأول ما يلفت النظر ان المرأة الحرة كانت في الأندلس مقصورة تعيش خلف حجاب غليظ، وخاصة في الأسر الغنية، ولعلها تشبه في ذلك أختها في المشرق، وأما ما نلمحه من حرية في الحركة فيكاد يكون مقصوراً على الجواري، ولكن المرأة الحرة في تلك الأسر كانت ذات


(١) باب الوفاء (رقم: ٢٢ ص: ٢٠٨) .
(٢) الباب: ١٧ (المساعد من الاخوان: ١٦٦) .
(٣) انظر ما تقدم، وكذلك الباب: ٢٩ (باب قبح المعصية: ص ٢٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>