البادئ إلى القطيعة والمتاركة، وكأنه يقول: أن وفائي يضيق عن الكذب مهما انبسط نطاقه واتسع.
وقد بقيت تلك " الحدة الرومنطيقية " في معايشة الماضي محور شخصية ابن حزم حتى بعد سنوات من كتابة الطوق، وأحسبها لم تتغير شخصية ابن حزم حتى بعد سنوات من كتابة الطوق، وأحسبها لم تتغير إلى النهاية، وإنما كانت تتلبس أشكالاً مختلفة؛ وقد غرست في نفسه شعوراً بالظمأ الدائم، لان ريه إنما يتم بالعودة إلى الماضي وذلك أمر مستحيل؛ ولهذا كان واقع الحياة يزيد في حرارة ذلك الظمأ، وفي مجال الحب عبر عن ذلك الشعور بقوله:" وعني أخبرك أني ما رويت قط من ماء الوصل ولا زادني الا ظمأ "(١) ، وإذا كان الصوفية يرون غايتهم في الفناء، فان ظمأ ابن حزم لم يكن يشفيه إلا أحد شيئين إما الاتحاد النهائي بالمحبوب أو العودة إلى رحم الماضي، وقد خلصته السن من الظمأ الأول وأبقت له الثاني.
قلت إن " الحدة " لدى ابن حزم أخذت تتلبس من بعد أشكالاً مختلفة، فقد أخذت تتمثل بعد عهد الطوق بالإفراط في الغضب والتعبير عن ذلك بالكلام والفعل والتخبط، وكان يقابل ذلك أيضاً الإفراط في طلب الرضى، ولكنه ظل يعالج هذين الأمرين فاستطاع التغلب على الغضب جملة، وأعجزه ذلك في شأن الرضى، وتشكلت الحدة أحياناً لديه بصورة " حقد مفرط " فقاومه بالطي والقهر، حتى لم يبد للناس، ولكنه ظل عاجزاً عن مصادقة من عاداه عداوة صحصحة - وهذا مطلب يعجز عنه أيضاً من لم يكن لديه حقد مفرط، وكذلك تشكلت في صورة حب الشهرة والغلبة، وقد ظلت هذه الصفة تلازمه إلا فيما لا يحل في الديانة، فأما العجب الذاتي اللاحق بها فقد استطاع خنقه إلى الأبد.
وأما الغيرة وسوء الظن المأتيان من تجاره مع الجواري، فقد ظلا