للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موطن جاد ليقول لنا إن أحد المنتسبين إلى العلم فسر القبقب بأنه البطيخ، وليس من شك في أنها نادرة كانت تضحك ابن حزم. والثاني: تلك الروح " الفضولية " التي دفعته وهو في مجلس رأى فيه غمزاً وخلوات أن ينبه صاحب المنزل بإنشاد هذين البيتين وتكرارهما كثيراً وهما:

إن إخوانه المقيمين بالامس ... أتوا للزناء لا للغناء

قطعوا أمرهم وأنت حمار ... موقر من بلادة وغباء حتى قال له صاحب المجلس " وقد أمللتنا من سماعهما فتفضل بتركهما أو إنشاد غيرهما "، فالأمر كان يبدو لابن حزم نوعاً من التندر، حتى وجد أن تندره لا يؤثر في ذلك البلد. والموقف الثالث: حين دعا أحدهم محباً كان متأنساً فرحاً بجلوسه مع محبوبه ليحضر إلى منزله، فلم يفعل فلما قابله الداعي بعد مدة لامه بشدة، فقال له ابن حزم: أنا أكشف عذره صحيحاً من كتاب الله عز وجل إذ يقول " ما اخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزاراً من زينة القوم " وهي دعابة عميقة.

١٠ - شعره:

جمع طوق الحمامة قدراً صالحاً من شعر ابن حزم مما قاله حتى سن الخامسة والثلاثين، ولعل قسماً كبيراً منه سقط بفعل ناسخ النسخة التي وصلتنا، ونقدر أن شعره كان كثيراً لأنه كان يقول على البديهة والروية، ويعالج مختلف الموضوعات، وبعض شعره قاله قبل بلوغ الحلم، واكثر ما نظمه وهو دون الشرين إنما كان تغزلاً في " نعم " ثم رثاء لها؛ وكان إخوانه يسومونه القول فيما يعرض لهم على طرائقهم ومذاهبهم فيقول ما يناسب حالهم ومقصودهم، أي أنه لم يكن يرفض أن يقول الشعر بتكليف، وأن يتحدث فيه عن أحوال غيره، وقد كلفته إحدى كرائم المظفر أن يصنع لها أغنية لتلحنها ففعل. ولم يكن يختار وقتاً معيناً لقول الشعر، فأحياناً يقول الشعر وهو نائم - وذلك شيء نادر - ويختار أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>