للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميقات، فكره ذلك وقال: لعله يتوهم أنه يأتي بأحسن مما (١) أتى به نبيه عليه السلام فيهلك! وأنا لكل أحد أن يزيد على عدد ما كان ينتفل به نبيه محمد لوجهين: أحدهما قول الله عز وجل: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} (الأحزاب: ٢١) ، والثاني: أن يخطر الشيطان في قلبه فيوسوس انه قد فعل من الخير أكثر مما كان محمد يفعله، فيهلك في الأبد ويحبط عمله، ويجد صلاته وصيامه في ميزان سيئاته، فيا لها مصيبة ما اعظمها، أن يحصل في جملة من قال الله تعالى: {وجوه يومئذ خاشعة* عاملة ناصية* تصلى ناراً حامية} (الغاشية: ٢ - ٤) فلا دنيا ولا آخرة، على أن مداواة هذا البلاء لمن امتحن به سهلة، وهي أننا نقول له: ليعلم العاقل أن تكبيرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم اعظم عند الله واجل من كل عمل خير يعمله جميعنا، لو عمر العالم كله.

فإن أحب المزيد كما ذكرنا فليركع أربع ركعات في منزله قبل الظهر، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد العصر، وركعتين بعد المغرب، وكل هذه النوافل فهي في البيوت أفضل منها في المسجد، وركعتين بعد غروب الشمس وقبل صلاة المغرب، إما في المنزل، وإما في المسجد، وست ركعات بعد صلاة الجمعة، ويستحب للمرء أن لا يقصر من الصيام عن صيام يوم عرفة ويوم عاشور التاسع والعاشر، وستة أيام من شوال مضافة إلى رمضان، لا يحول بينه وبينها إلا يوم الفطر وحده، فقد صح عن النبي عليه السلام أن ذلك يعدل صيام الدهر، وان صيام يوم عرفة وعاشورا يكفر عامين وعاماً، وهذا أمر لا يزهد فيه إلا محروم. فإن أحب المزيد فليصم الاثنين والخميس، فإن أحب المزيد فليصم يوماً ويفطر يوماً، فإن زاد على ما ذكرنا فهو آثم عاص. سئل رسول الله عن صيام الدهر فقال: لا صام ولا أفطر. وقد روي عنه عليه السلام ما هو أشد من هذا، وصح انه سئل عن أفضل من صيام يوم وإفطار يوم قال: " لا أفضل من ذلك " (٢) ، فمن [لم] ينته إلى ما حده له نبيه فلا عفا الله عنه. والحج والعمرة والتطوع كذلك حسن جداً وأجر عظيم، لا جزاء له إلا الجنة بنص كلامه عليه السلام، والصدقة بما تيسر، فإن الإكثار منها فيما فضل عن قوته وبما بقي له غناء، ولا تحل الصدقة [٢٤٣/أ] بأكثر من ذلك، وعياد مرضى الجيران، وشهود جنائزهم، فرض على مسلم جار على الكفاية، ولقاء الناس بالبشر والبر وانطلاق


(١) ص: ما.
(٢) انظر مسند أحمد ٢: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>