للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه، وهذا كله بعد أداء الفرائض واجتناب الكبائر، ويستحب من الذكر ما تقدم في أول هذه الرسالة، فبهذا يتخلص المسلم من عذاب الله، ويستوجب الجنة بفضل الله، فمن عجز عن هذا كله فليقتصر على أداء الفرائض واجتناب الكبائر فإنه فائز، ومع هذا فليخف ربه وليحسن الظن به، فقد صح عنه عليه السلام انه قال (١) : إن الله يقول: انا عند ظن عبدي بي. فاعلموا أن تحسين الظن بالله تعالى أجر عظيم، وانه عمل بالقلب رفيع فاضل، فلعل ربه تعالى قد حفظ له حسنة لا يلقي العبد إليها باله ولا يذكر علتها، كما أنه أيضاً ربما هلك بسيئة حفظت عليه كان هو يحقرها، وليدم على فعل الخير وإن قل، فبهذا جاء الأثر الصحيح (٢) : " عن أحب الأعمال إلى الله أدومها ". ولا احب لنفسي ولكم ولا لأحد من المسلمين التقصير عن هذا، فمن ابتلي بالتقصير عنه فليتدارك نفسه بالتوبة والندم والاستغفار فيما سلف فإنه يجد ربه قريباً إذا راجعه، قابلاً له إذا فزع إليه، غافراً لما سلف من ذنوبه كما قال تعالى {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب} (غافر: ٣) . فمن امتحن بتسويف التوبة ومماطلة النفس، فليكثر من فعل الخير ما أمكنه، ولعل حسناته تذهب سيئاته، وليدخل في قوله: {خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم} (التوبة: ١٠٢) ، ولعله (٣) يقل مكثه في النار، فقد جاء النص الصحيح بتفاضل مقامهم، فمن ابتلي وعجز فليتمسك بالعروة الوثقى، عروة الإسلام، وليعلم قبح ما يقول، فلعله ينجو من الخلود، وهو ناج منه بلا شك عن مات مسلماً.

٣ - وسألتم - رحمنا الله وإياكم - عن طلب العلم، وهل الآداب من العلم، تعنون (٤) النحو واللغة والشعر، وعن طلب الاشتغال بروايات القراء السبعة المشهورين على اختلاف ألفاظها وأحكامها، وعن قراءة الحديث، وعن مسائل، فنعم - وفقنا الله وإياكم لما يرضيه -:

أما الاشتغال بروايات القراء المشهورين السبعة وقراءة الحديث وطلب علم النحو، واللغة، فإن طلب هذه العلوم فرض واجب على المسلمين على الكفاية، بمعنى أن من


(١) هو في صحيح البخاري (توحيد: ١٥، ٣٥) مسلم (توبة: ١؛ ذكر ٢،١٩) وفي مواضع كثيرة من مسند أحمد ٢: ٢٥١، ٣١٥، ٣٩١، ٤١٣ الخ.
(٢) هو في صحيح البخاري (إيمان: ٣٢، رقاق: ١٨) ومسلم (مسافرين: ٢١٦، ٢١٨) ومسند أحمد ٢: ٣٥٠، ٥: ٢١٩، ٦: ٤٠، ٦١ (ومواطن أخرى كثيرة) .
(٣) ص: ولعل.
(٤) ص: تمنعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>