للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعجب في علمه فليفتكر فيمن هو أفضل عملاً منه، وليعلم انه لا حول ولا قوة له فيما يفعل من الخير، وأن ذلك إنما [٢٥٢ ب] هو هبة من الله تعالى، فلا يتلقاها بما يوجب أن يسلبها ولا يفخر بما حصل له فيه، لكن ليعجبه فضل ربه تعالى عليه، ليعلم أنه لو وكل إلى نفسه طرفة عين لهلك. وأما الرياء فلا يمنعكم خوف الرياء أن يصرفكم عن (١) فعل الخير، لان لإبليس في ذم الرياء حبالة ومصيدة، فكم رأيت من ممتنع من فعل الخير خوف أن يظن به الرياء، ولعلكم قد امتحنتم بهذا، ولكن أصفوا نياتكم لله تعالى، ثم لا تبالوا من كلام الناس فإنما هو ريح وهواء منبث، وقل والله ضرر كلامهم وكثر نفعه لكم، فعليكم بما ينتفعون به في دار قراركم وعند من يعلم سركم وجهركم وعند من يملك ضركم ونفعم، وحده لا شريك له.

٩ - واعلموا أن كل حديث ذكرته لكم في رسالتي هذه فليس شيء منه إلا صحيح السند متصل ثابت بنقل الثقات مبلغ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إلا أن الحديث الذي من طريق ابن أبي أويس عن أخيه، ذكرناه قبل (٢) ، قد أسيء (٣) الثناء على أبي [بكر] لكراهته بعض أئمة الحديث (٤) ، وحديث الإجهار لم يأت إلا من طريق ابن أخي الزهري، وقد تكلم فيه، إلا أن معنى الحديث صحيح فخرج متمماً من سائر الأحاديث الثابتة. لكني أضربت عن الأسانيد خوف التطويل ورجاء الاختصار، مع أن أكثرها أو كلها مشهورة في المصنفات المشهورة من روايتنا، والحمد لله رب العالمين.

واعلموا أن كل ما اخترت فيها من صفة ذكر أو كيفية عمل، فليس من رأيي، وأعوذ بالله العظيم، ولكنه كله إما اختيار مروي عن النبي وإما عمل، ولابد، وكل ذلك منقول بالأسانيد الصحاح ولله الحمد.

١٠ - ومضى في كلامنا ذكر التوبة، فأردت أن أبين لكم وجوهها، وإن كانت


(١) ص: خوف الرياء أن يطريكم في.
(٢) انظر ما تقدم ص: ١٦٩.
(٣) ص: أنشأ.
(٤) راجع تهذيب التهذيب ١: ٣١٠ في ترجمة إسماعيل بن أبي أويس، وستجد مدى الاختلاف في تعديله وتجريحه، فقال فيه بعضهم: مخلط، وقال آخر ضعيف، غير ثقة، ونقل ابن حجر عن ابن حزم نفسه في المحلى نقلاً عن آخرين أنه كان يضع الحديث، ومن الغريب ألا يتوقف ابن حزم عنده هنا، ويكتفي بالتلميح إلى موقف أخيه أبي بكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>