للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهنم يصلونها وبئس المهاد، وانقلب المسلمون وقد ملئوا الأغماد نصرًا، والصحائف أجرًا، والأيدي وقرًا، والقلوب جذلًا, والألسنة شكرًا، وكان ذلك اليوم في الأيام علمًا، وفي الأقسام قسمًا، ولم يره الزمان منسوبًا إليه, ولا راجع شبابًا بعد أن ناهز هرمًا".

في هذا الفصل شيء من معاني الشعر، وذلك من قول أبي الطيب المتنبي١:

أتاهم بأوسع من أرضهم ... طوال السبَّيب قصار العُسُبْ٢

تغيب الشَّواهق في جيشه ... وتبدو صغارًا إذا لم تغب

ولا تعبر الريح في جوه ... إذا لم تخطَّ القنا أو تثب

ومن قوله أيضًا٣:

في جحفلٍ ستر العيون غباره ... فكأنما يُبْصِرْنَ بالآذان

ومن ذلك ما ذكرته في الإنجاد وإجابة الصريخ، وهو:

إذا استُصْرِخَ أَصْرَخَ بعزمٍ غذته صحبة الجيش عن لذة العيش، فهو يستعذب حر الثغور على برد الثُّغور، ويلهو بالبيض الذكور عن بيض الخدور، ولا طيب عنده إلّا ريح العجاج، ولا عناق إلّا أطراف الزجاج، ولا أرب له في الرقاد إلّا على صهوات الجياد، فعسكر قلبه أمضى في الوغى من عسكر، ونجدة بأسه تأبَى لقاء الأقران في درع أو مغفر٤. وهذه المعاني مأخوذة من أبيات الحماسة، ومن شعر مسلم بن الوليد.


١ ديوان المتنبي ١/ ١٠١.
٢ السبيب: شعر الناصية والعرف والذنب، والعسب جمع عسيب، وهو منبت الذنب من الجلد والعظم، والعسيب من السعف: فوق الكرب لم ينبت عليه خوص، والعسيب: اسم جبل، يريد أن الدمستق ملك الروم أتاهم بخيل أوسع من الأرض، والمستحبّ في الخيل ما ذكر: أن يطول شعر الذنب، ويقصر عظمه.
٣ ديوان المتنبي ٤/ ١٧٦, والجحفل: الجيش العظيم، مأخوذ من تجحفل القوم، أي: اجتمعوا.
٤ المغفر على وزن منبر: زرد من الدرع يلبس تحت القلنسوة، أو حلق يتقنَّع بها المتسلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>