للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا هي حلَّت في اللهاة من الفتى ... دعا همَّهُ من صدره برحيل١

وما زال الشعراء يتواردون على هذا المعنى حتى سمج، لكنَّ الذي ذكرته بعد هذا المعنى من محاسن المعاني في وصفها.

وكذلك ما ذكرته في وصفها، وهو:

"الخمر كالعذراء في نفورها، وملازمة خدورها، ولهذا تشمئز من نكاح المزاج، وتصخب لمس الماء صخب الأبكار لمس الأزواج، ومن شأنها أن تلبس عند الزفاف إكليلًا على رأسها، وكذلك شأن العرائس عند زفافها إلى أعراسها".

وهذه المماثلة بين الخمر وبين البكر على هذا النسق لم يأت بها أحد غيري، وإنما وصفت بأنها بكر، كقول أبي نواس٢:

فقلت لشيخٍ منهم متكلمٍ ... له دين قسيسٍ وفي نطقه كفر٣

أعندك بكرٌ مرَّة الطعم قرقفٌ ... صنيعة دهقانٍ تراخى له العمر٤

فقال عروس كان كسرى ربيبها ... معتَّقةٌ من دونها الباب والستر

ووصفت بالنكاح والزواج، كقوله أيضًا٥:

وقهوةٍ كالعقيق صافيةٌ ... يطير من كأسها لها شرر

زوجتها الماء كي تذلَّ له ... فامتعضت حين مسَّها الذَّكَرُ


١ ديوان أبي نواس ٣١٠ ورواية الديوان:
إذا ما أتت دون اللهاة من الفتى
واللهاة: اللحمة المشرفة على الحلق، أو ما بين منقطع أصل اللسان إلى منقطع القلب من أعلى الفم.
٢ ديوان أبي نواس ٢٨٠.
٣ موضع هذا البيت في الديوان:
حططنا على خمارها جنح ليلة ... فلاح لنا فجر ولم يطلع الفجر
٤ رواية الديوان:
وأبرز بكرًا مرة الطعم قرقفًا
والقرقف: على وزن جعفر, الخمر يرعد عنها صاحبها، والدهقان -بالكسر والضم: القوي على التصرف مع حدة، والتاجر، وزعيم فلاحي العجم، ورئيس الإقليم، معرَّب والجمع دهاقنة ودهاقين، والاسم الدهقنة.
٥ ديوان أبي نواس ٢٨٩ والبيت الثالث بعد هذين البيتين:
كذلك البكر عند خلوتها ... يظهر منها الحياء والخفر

<<  <  ج: ص:  >  >>