للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ما ذكرته في الحزم، وهو:

"لا ينبغي للحازم أن يساور المورد المؤذن بمضيقه، وإن أفضى الصدر إلى رحيبه، فإن توقي الداء خير من التعرض له مع وجود طبيبه، ولندع قول من يقعد على تل السلامة ثم يلبس الكتائب بالكتائب، ويقول: ليس للعزم إلا تمام الصدور وليس عليه تمام العواقب".

بعض هذا مأخوذ من شعر أبي تمام١:

وركبٍ كأطراف الأسنة عرسوا ... على مثلها والليل تسطو غياهبه

لأمرٍ عليهم أن تتمَّ صدوره ... وليس عليهم أن تتمَّ عواقبه

ومن ذلك ما ذكرته في وصف الرأي والكيد، وهو:

"أخفى على العدو كيده حتَّى لم يدع كائدًا، وأعمى عليه سلوك الطريق حتى ظنَّه حائرًا، فسيوفه تسطو على بعدها، ولا تقطع إلّا وهي في غمدها".

وبعض هذا المعنى أخذته من شعر أبي تَمَّام وهو٢:

سكن الكيد فيهم إن من أعظـ ... ـظم كيدٍ أن لا تُسَمَّى أريبًا

وكذلك قولي في هذا المعنى وهو:

"أخذ بسمع العدو وبصره، وسدَّ مطلع وِرْدَه وصَدَرِه، فيداه مغلولة مع أنها مطلقة السراح، ومقاتله بادية على أنها شاكية السلاح".

وهذا المعنى ينظر إلى المعنى الذي قبله".


١ ديوان أبي تمام ٤٤ من قصيدة يمدح بها أبا العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب، ومطلعها:
أهن عوادي يوسف وصواحبه ... فعزمًا فقدمًا أدرك السؤل صاحبه
٢ ديوان أبي تمام ٢٧، ورواية الديوان "إن من أعظم إرب" والإرب الحاجة أو الدهاء والأريب: العاقل والبيت من قصيدة يمدح بها أبا سعيد محمد بن يوسف الثغرى، وأولها:
من سجايا الطلول ألَّا تجيبا ... فصواب من مقلتي أن تصوبا

<<  <  ج: ص:  >  >>