للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ما ذكرته في ذمِّ غلامٍ أبله:

كنت أقاسي من بلهه نكدًا, فكتبت يومًا من الأيام إلى بعض إخواني كتابًا, وعرضت فيه بذكره، فقلت: ولقد ملكه النسيان، حتى كأنه يقظٌ في صورة نائم، وحتى حقَّق قول التناسخ في نقل أرواح الأناسي إلى البهائم، فما أرسل في حاجة إلا ذهبت عن قلبه يمنةً ويسرة، ولا طلب منه ما استحفظه إلا قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة.

وهذا فصل يشتمل على عدة معانٍ، منها ما هو مأخوذ من القرآن الكريم من سورة "الكهف"١.

ومن ذلك ما ذكرته في تقليد قاضٍ، وهو فصل منه، فقلت:

"والفضائل ما بقيت موجودةٌ ولم تفقد، وهي حية وإن أودى أربابها، ولا يموت من لم يولد، ومن أكرم ما أوتيه منها فضيلة التقوى التي الكرم من شعارها، والعاقبة والحسنى كلاهما من آثارها، وما نقول إلا أنه اتخذها حارسًا يمنع الخصم من تسوّر محرابه، ويؤمن قلبه من الفتنة الداعية إلى استغفاره ومتابه، وقد قرن الله له هذه الفضيلة بالعلم الذي أعلمه بعلامته، ووسمه بوسامته، وقذف في روعه ما لا يسأل معه عن السفينة وخرقها, والغلام وقتله, والجدار وإقامته، وعلى ما بلغه منه فإنه فيه أحد المنهومين اللذين لا يشبعان٢، وإذا كان لغيره فيه نظر واحد ومسمع, فله فيه نظران ومسمعان".

وفي هذا الفصل المختصر معاني عدة آيات، وخبر من الأخبار النبوية:

أما الآية الأولى فقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ٣.


١ انظر سورة الكهف: الآية ٦٣.
٢ إشارة إلى الخبر المأثور: "منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب مال".
٣ سورة الحجرات: الآية ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>