للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأول المعاني المأخوذة من الأخبار قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تحكم له، فربما أتى خصمه وقد فقئت عيناه".

وأما المعنى الثاني فقوله -صلى الله عليه وسلم: "سباب المؤمن فسوقٌ وقتاله كفرٌ".

وأما المعنى الثالث فقوله -صلى الله عليه وسلم: "إن الأعمال تعرض على الله يوم الاثنين ويوم الخميس, فيغفر لكل امرئٍ لا يشرك بالله شيئًا إلّا امرًا كانت بينه وين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا".

وأما المعنى الرابع فقوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث".

وأما المعنى الخامس فقول النبي -صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى المتهاجران, فأعرض هذا وأعرض هذا, فخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

وأما المعنى السادس فقوله -صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس له عرش على البحر فيبث بنيه في آفاق الأرض فيأتي أحدهم فيقول: فعلت كذا وفعلت كذا، فيقول: ما فعلت شيئًا، ويأتي أحدهم فيقول: زيَّلْتُ بينه وبين أخيه, أو بينه وبين زوجته، فيقول: نعم الولد أنت"!.

فانظر كم في هذه الأسطر اليسيرة من معنى خبر نبوي، هذا سوى ما فيها من معاني الآيات، وإذا عددت هذه الكلمات المذكورة في هذه الأسطر وجدتها جميعًا منتظمة من الآية والخبر.

وهذا مما يدلك على الإكثار من المحفوظ, واستحضاره عند الحاجة إليه على الفور.

ومن ذلك ما ذكرته في صدر كتاب، وهو جواب عن كتاب يتضمن تهديدًا وتخويفًا، فقلت:

"ورد الكتاب مضمنًا من الوعد والوعيد ما آنس نفس المملوك وأوحشها، ونَقَعَ ضلوعه وأعطشها، وأقام له من الظنون السيئة جنودًا تقاتله، وتأخذ عليه شُعَبَ الأفكار فلا تزاوله، وكانت كلماته طوالًا, وأوراقه ثقالًا، وما أفلت سطر من سطوره إلا كان الآخر له عقالًا، ولما استكمل الوقوف عليه ثقلت أطوار الخوف والرجاء من أطواره، وعرضت عليه الجنة والنار في قرطاسه، كما عرضت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عرض

<<  <  ج: ص:  >  >>