للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"قلم" و"ملق" و"كلم" و"ملك"، ولو شئت لأوردت من ذلك شيئًا كثيرًا تضيق عنه هذه الأوراق.

ولو كان ما ذكرته مطَّردًا لكنَّا إذا عكسنا هذه الألفاظ صار حسنها قبحًا، وليس الأمر كذلك.

وأمَّا ما ذكره ابن سنان من جريان اللفظة على العرف العربيّ فليس ذلك مما يوجب حسنًا ولا قبحًا، وإنما يقدح في معرفة مستعملها بما ينقله من الألفاظ, فكيف يعد ذلك من جملة الأوصاف الحسنة؟

وأمَّا تصغير اللفظة فيما يعبَّر به عن شيء لطيف أو خفيٍّ أو ما جرى مجراه, فهذا مما لا حاجة إلى ذكره، فإنَّ المعنى يسوق إليه، وليست معاني التصغير من الأشياء الغامضة التي يفتقر إلى التنبيه عليها، فإنها مدونة في كتب النحو، وما من كتاب نحوٍ إلا والتصغير باب من أبوابه، ومع هذا, فإن صاحب هذه الصناعة مخيَّر في ذلك: إن شاء أن يورده بلفظ التصغير, وإن شاء بمعناه كقول بعضهم:

لو كان يخفى على الرحمن خافيةٌ ... من خلقه خفيت عنه بنو لبد

فهل كان يمكن هذا الشاعر أن يصغِّر من هؤلاء القوم, ويحقر من شأنهم بألفاظ التصغير, ويجيء هكذا كما جاء بيته هذا? فالوصية به إذن ملغاة لا حاجة إليها.

وأما الأوصاف الباقية التي ذكرت فهي التي ينبغي أن ينبه عليها.

فمنها ألا تكون الكلمة وحشيةً.

"الوحشي":

وقد خفي الوحشي على جماعة من المنتمين إلى صناعة النظم والنثر، وظنُّوه المستقبح من الألفاظ وليس كذلك، بل الوحشي ينقسم قسمين: غريب حسن.

والآخر: غريب قبيح.

وذلك أنه منسوب إلى اسم الوحش الذي يسكن القفار، وليس بأنيس، وكذلك الألفاظ التي لم تكن مأنوسة الاستعمال، وليس من شرط الوحش أن يكون مستقبحًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>