للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناظم لا يعاب إذا لم ينظم هذه الأحرف في شعره، بل يعاب إذا نظمها وجاءت كريهة مستبشعة.

وأمَّا الناثر فإنه أقرب حالًا من الناظم؛ لأنَّ غاية ما يأتي به سجعتان أو ثلاث أو أربع على حرف من هذه الأحرف، وما يعدم في ذلك ما يروق إذا كان بهذه العدة اليسيرة.

فإن كلفت أيها الشاعر أن تنظم شيئًا على هذه الحروف فقل: هذه الحروف هي مقاتل الفصاحة، وعذري واضح في تركها، فإن واضع اللغة لم يضع عليها ألفاظًا تعذب في الفم، ولا تلذ في السمع, والذي هو بهذه الصفة منها فإنما هو قليل جدًّا، ولا يصاغ منه إلّا مقاطيع أبيات من الشعر، وأما القصائد المقصَّدة فلا تصاغ منه، وإن صيغت جاء أكثرها بشعًا كريهًا.

على أنَّ هذه الحروف متفاوتة في كراهة الاستعمال، وأشدَّها كراهية أربعة أحرف، وهي الخاء والصاد والظاء والغين، وأما الثاء والذال والشين والطاء فإنَّ الأمر فيهنَّ أقرب حالًا.

وهذا موضع ينبغي لصاحب الصناعة أن يُنْعِمَ نظره فيه، وفيما أشرنا إليه كفاية للمتعلم، فليعرفه وليقف عنده!

المبتذل من الألفاظ:

ومن أوصاف الكلمة ألّا تكون مبتذلة بين العامة.

وذلك ينقسم قسمين:

الأول: ما كان من الألفاظ دالًّا على معنى وُضِعَ له في أصل اللغة, فغيَّرته العامة وجعلته دالًّا على معنى آخر، وهو ضربان:

الأول: ما يُكْرَهُ ذكره، كقول أبي الطيب١:


١ ديوان المتنبي ٤/ ٥٥ من قصيدة يمدح بها الحسين بن إسحاق التنوخي، ومطلعها:
ملام النوى في ظلمها غاية الظلم ... لعلَّ بها مثل الذي بي من الظلم

<<  <  ج: ص:  >  >>