للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الشك، وتتجلَّى عن الظن والتهمة، فإن الذي يستحبُّ في حدود الله -عز وجل- أن تدرأ مع نقصان اليقين والصحة، وأن تمضي عليهم مع قيام الدليل والبينة، قال الله -عز وجل: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ١.

وأمره بحياطة أهل النسب الأطهر، والشرف الأفخر، وعن أن يدَّعيه الأدعياء، أو يدخل فيه الدخلاء، ومن انتمى إليه كاذبًا، أو انتحله باطلًا، ولم يوجد له بيت في الشجرة، ولا مصداق عند النسابين المهرة، أوقع به كذبه وفسقه, وشَهَرَهُ شهرةً ينكشف بها غِشَّه ولَبْسَه، وينزع بها غيره ممن تسوِّل له ذلك نفسه.

وأن يحصن الفروج عن مناكحة من ليس كفؤًا لها في شرفها وفخرها, حتى لا يطمع في المرأة الحسيبة النسيبة إلّا من كان مثلًا لها مساويًا، ونظيرًا موازايًا، فقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ٢.

وأمره بمراعاة متبتِّلي أهله ومتهجديهم، وصلحائهم ومجاوريهم، وأرملهم وأصاغرهم، حتى تستدَّ الخلة من أحوالهم، وتدرَّ الموارد عليهم, وتتعادل أقساطهم فيما يصل إليهم من وجوه أموالهم، وأن يزوّج الأيامى، ويربي اليتامى، وليلزمهم المكاتب فليتلقنوا القرآن، ويعرفوا فرائض الإسلام والإيمان، ويتأدبوا بالآداب اللائقة بذوي الأحساب، فإن شرف الأعراق محتاج إلى شرف الأخلاق، ولا حمد لمن شرفه حسبه، وسَخُفَ أدبه؛ إذ كان لم يكتسب الفخر الحاصل بفضل سعي, ولا طلب ولا اجتهاد، بل بصنع الله تعالى، ومزيد المنة عليه، وبحسب ذلك لزوم ما يلزمه من شكره سبحانه على هذه العطية، والاعتداد بها من المزية، وإعمال النفس في حيازة الفضائل والمناقب، والترفُّع عن الرذائل والمثالب.

وأمره بإجمال النيابة عن شيخه الحسين بن موسى فيما أمره أمير المؤمنين باستخلافه عليه من النظر، والأخذ للمظلوم من الظالم، وأن يجلس للمترافعين إليه جلوسًا عامًّا، ويتأمَّل كلامهم تأملًا تامًّا، فما كان منها متعلقًا بالحاكم ردَّه إليه، ليحمل الخصوم عليه، وما كان من طريقة الغشم والظلم، والتغلب والغضب, قبض عنه اليد المبطلة، وثبَّتَ


١ سورة البقرة: الآية ٢٢٩.
٢ سورة الأحزاب: الآية ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>