للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبحر الذي لا يستخرج لؤلؤه ومرجانه إلّا الراسخون من العلماء.

وكذلك فخذ هذه الأسرة بتعليم الفضائل التي تتفاوت بها القيم، وسُسْهَا برياضة الآداب وتهذيب الشيم، ولا تتركها فوضى لا يتَّسم أحدها بسمة القدر المنيف، ولا يرجع إلى حسب تليد ولا إلى سعي طريف، وتكون غاية ما عنده من الفضيلة أن يقال: فلان الشريف.

ومن حفظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها أن تُوفيَ فضل مكانها، وتُخَالِفَ بين شأن غيرها من المسلمين وبين شأنها، فلا تبتذل بمجالس الولاة في انتزاع ظلامة، ولا في إقامة حدٍّ يسلب معه رداء الكرامة، وأنت تتولى ذلك منها, وجب عليها من حقٍّ فخذها باقتضائه، وأمض فيها حكم الله الذي أمر بإمضائه، وليكن ذلك على وجه الرفق الذي يُسْلِس له القياد، ويتوطَّأ له المهاد، وإن أمكنك افتداء شيء من هذه الظلامات التي تتوجّه عليها ففاد، وقد أتمَّ الله فضلها بمنع كرائمها إلّا من كفء لا دناءة في عنصره، ولا غضاضة في مخبره، وهو الذي إن فاته شرف النبوة في مغرسه, فلم يفته شرف النباهة في معشره، وإذا تباينت الأقدار فلا فرق بين المناكح المخطوبة، وبين الأسلاب المسلوبة.

فاحفظ لأسرتك حرمة هذه المنزلة، واجعلها في كتاب الوصايا التي وصيت بها مكان البسملة.

وكما أمرناك بالنظر في صون أقدارها، فكذلك نأمرك بالنظر في حفظ مادة درهمها ودينارها، وقد علمت أن لها أوقافًا وقفها قوم فحظوا بأجرها واسمها، وستحظى أنت بالعدل في قسمها، فأجر على كلٍّ منها رزقه، وأعط كل ذي حقٍّ حقه.

وفي الناس طائفة أدعياء يرومون إلحاق الرأس بالذنب، والنبع بالغرب١، ويلحقون أبًا لغير ابن, وابنًا لغير أب، كل ذلك رغبة في سحتٍ٢ يأكلونه، لا في


١ النبع: شجر للقسي وللسهام, ينبت في قلة الجبل، والنابت منه في السفح الشريان، وفي الحضيض الشوحط، ويقال: أصابه سهم غرب, أي: لا يدري راميه.
٢ السحت: هو كل حرام قبيح الذكر، أو ما خبُث من المكاسب وحرم، فلزم عنه العار.

<<  <  ج: ص:  >  >>