فضيلة الازدياد، فإياك أن تنظر سعيك بالإعجاب, وتقول هذه بلاد أنا فتحتها بعد أن أضرب عنها كثير من الأضراب، ولكن اعلم أن الأرض لله ولرسوله, ثم لخليفته من بعده، ولا منَّة للعبد بإسلامه, بل المنة لله بهداية عبده، وكم سلف من قبلك من لو رام ما رمته لدنا شاسعه، وأجاب مانعه، لكن ذخره الله لك لتحظى من الآخرة بمفازه، وفي الدنيا برقم طرازه، فألق بيدك عند هذا القول إلقاء التسليم, وقل: لا علم لنا إلّا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
وقد قرن تقليدك هذا بخلعة تكون لك في الاسم شعارًا، وفي الوسم فخارًا، وتناسب محل قلبك وبصرك, وخير ملابس الأولياء ما ناسب قلوبًا وأبصارًا، ومن جملتها طوق يوضع في عنقك موضع العهد والميثاق، ويشير إليك بأن الإنعام قد أطاف بك إطافة الأطواق بالأعناق، ثم إنك خوطبت بالملك وذلك خطاب يقضي لصدرك بالانشراح، ولأملك بالانفساح، وتؤمر معه بمدِّ يدك العليا لا بضمها إلى الجناح.
وهذه الثلاثة المشار إليها هي التي تكمل بها أقسام السيادة، وهي التي لا مزيد عليها في الإحسان, فيقال: إنها الحسنى وزيادة، فإذا صارت إليك فانصب لها يومًا يكون في الأيام كريم الأنساب، واجعله لها عيدًا وقل: هذا عيد الخلعة والتقليد والخطاب.
هذا, ولك عند أمير المؤمنين مكانة تجعلك لديه حاضرًا وأنت ناءٍ عن الحضور، وتضن أن تكون مشتركة بينك وبين غيرك, والضنَّة من شيم الغيور، وهذه المكانة قد عرَّفَتْك نفسها وما كنت تعرفها، وما تقول إلّا أنَّها لك صاحبة وأنت يوسُفُها، فاحرسها عليك حراسة تقضي بتقديمها، واعمل لها فإن الأعمال بخواتيمها.
واعلم أنَّك قد قلدت أمرًا تعين به نفي الحلوم، ولا ينفك صاحبه عن عهدة الملوم، وكثيرًا ما يرى حسناته يوم القيامة وهي مقتسمةٌ بأيدي الخصوم، ولا ينجو من ذلك إلّا من أخذ أهبة الحذار، وأشفق من شهادة الأسماع والأبصار، وعلم أن الولاية ميزان إحدى كفتيه في الجنة والأخرى في النار، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: