للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ترى أن الفصل الأول ثمان لفظات، والفصل الثاني والثالث تسع تسع.

ومن ذلك قوله تعالى في سورة مريم: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا، تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} ١.

وأمثال هذا في القرآن كثيرة.

ويُسْتَثْنَى من هذا القسم ما كان من السجع على ثلاثة فِقَرٍ، فإن الفقرتين الأوليين يحسبان في عدة واحدة، ثم باقي الثلاثة, فينبغي أن تكون طويلة طولًا يزيد عليهما، فإذا كانت الأولى والثانية أربع لفظات أربع لفظات, تكون الثالثة عشر لفظات أو إحدى عشر.

مثال ذلك ما ذكرته في وصف صديق فقلت: "الصديق من لم يعتض عنك بخالف، ولم يعاملك معاملة حالف، وإذا بلَّغته أُذُنُه وشايةً أقام عليها حدَّ سارقٍ أو قاذفٍ".

فالأولى والثانية ههنا أربع لفظات؛ لأن الأولى: "لم يعتض عنك بخالف", والثانية "ولم يعاملك معاملة حالف", وجاءت الثالثة عشر لفظات، وهكذا ينبغي أن يستعمل ما كان من هذا القبيل.

وإن زادت الأولى والثانية عن هذه العدة فتزاد الثالثة بالحساب، وكذلك إذا نقصت الأولى والثانية عن هذه العدة، فافهم ذلك، وقس عليه.

إلّا أنه ينبغي أن تجعله قياسًا مطَّردًا في السجعات الثلاث أين وقعت من الكلام، بل تعلم أن الجواز يعم الجانبين من التساوي في السجعات الثلاث, ومن زيادة السجعة الثالثة.

ألا ترى أنه قد ورد ثلاث سجعات متساوية في القرآن الكريم، كقوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ، فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} ٢.


١ سورة مريم: الآيات ٨٨-٩٠.
٢ سورة الواقعة: الآيات ٢٧-٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>