للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه ما يكون مؤلفًا من ثلاثة ألفاظ وأربعة وخمسة، وكذلك إلى العشرة، وما زاد على ذلك فهو من السجع الطويل، فمما جاء منه قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} ١ وقوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} ٢.

وأما السجع الطويل فإن درجاته تتفاوت أيضًا في الطول.

فمنه ما يقرب من السجع القصير، وهو أن يكون تأليفه من إحدى عشرة لفظة، وأكثره خمس عشرة لفظة، كقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ، وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} ٣ فالأولى إحدى عشرة لفظة، والثانية ثلاث عشرة لفظة، وكذلك قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ٤.

ومن السجع الطويل ما يكون تأليفه من العشرين لفظة فما حولها، كقوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} ٥.

ومن السجع الطويل أيضًا ما يزيد على هذه العدة المذكورة، وهو غير مضبوط.

التصريع في الشعر:

واعلم أن "التصريع" من الشعراء بمنزلة السجع في الفصلين من الكلام المنثور،


١ سورة النجم: الآيات ١-٣.
٢ سورة القمر: الآيات ١-٣.
٣ سورة هود: الآيتان ٩، ١٠.
٤ سورة التوبة: الآيتان ١٢٨، ١٢٩.
٥ سورة الأنفال: الآيتان ٤٣، ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>