للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: "سهامٌ صُيُب" من اللفظ الذي ينبو عنه السمع، ويحيد عنه اللسان، ومثله ورد قول عويف القوافي١ من أبيات الحماسة:

ذهب الرُّقَاد فما يُحَسُّ رقاد ... مِمَّا شجاك ونامت العُوَّاد

لما أتاني عن عُيَيْنَةَ أنه ... أمسى عليه تظاهر الأقْيَاد٢

فقوله: "أقياد" في جمع "قيد" مما لا يحسن استعماله، بل الحسن أن يقال في جمعه: "قيود".

وكذلك قول مرَّة بن محكان التميمي٣ من أبيات الحماسة، وذلك من جملة الأبيات المشهورة التي أولها:

يا رَبَّةَ البيت قومي غير صاغرةٍ ... ضمِّي إليك رحال القوم والقُرُبَا٤

فقال فيها:

ماذا ترين: أنُدنيهم لأرحلنا ... في جانب البيت؟ أم نبني لهم قُبَبَا؟

فإنه جمع "قبة" على "قبب"، وذلك من المستبشع الكريه، والأحسن المستعمل هو "قباب" لا "قبب"، وكذلك يجري الأمر في غير هذا.

ومن المجموع ما يختلف استعماله، وإن كان مُتَّفقًا في لفظة واحدة كالعين الناظرة وعين الناس وهو النبيه فيهم، فإن العين الناظرة تجمع على "عيون"، وعين الناس


١ هو ابن معاوية بن عقبة من بني فزارة بن ذبيان، وإنما أضيف إلى القوافي لقوله:
سأكذب من قد كان يزعم أننى ... إذا قلت قولًا لا أجيد القوافيا
وهو شاعر مقلّ من شعراء الدولة الأموية, من ساكني الكوفة، وبيته من البيوتات المتقدمة في العرب، وكانت أخته متزوجة عيينة بن أسماء الفزاريّ فطلقها، فلما حبس الحجاج عيينة وقيَّدَه قال عويف هذه الأبيات.
٢ رواية البيت في الحماسة "١/ ٩٧" وفي الأصل:
لما أتاني من عيينة أنه ... أمست عليه بظاهر أقياد
٣ هو من بطن يقال لهم بنو ربيع من سعد بن زيد مناة بن تميم، وهو شاعر إسلامي مقلّ من شعراء الدولة الأموية، عاصر جريرًا والفرزدق، فأخملا ذكره، وكان شريفًا جوادًا، قتله مصعب بن الزبير في ولايته، والأبيات في ديوان الحماسة ٢/ ٢٤٢.
٤ في الأصل "رجال" موضع "رحال" وهو تصحيف، والصاغرة: الذليلة، والقرب: جمع قراب وهو كالجراب يوضع فيه السيف بغمده، يأمر زوجته بأن تضمَّ إليها رحال القوم وأسلحتهم حفظًا لها، لأنهم نزلوا عنده، فهم في أمان لا يحتاجون إلى السلاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>