للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توضع، ويطول بها مصنفات كتبهم في الخطابة والشعر، وهي كما يقال: فقاقع ليس لها طائل، كأنها شعر الأبيوردي١.

وحيث أوردت هذه المقدمة قبل الخوض في تقسيم المعاني، فإني راجع إلى شرح ما أجملته فأقول:

أما القسم الأول٢: فإن المعاني فيه على ضربين:

أحدهما يبتدعه مؤلف الكلام من غير أن يقتدي فيه بمن سبقه:

وهذا الضرب ربما يعثر عليه عند الحوادث المتجددة، ويتنبه له عند الأمور الطارئة٣، ولنشر في هذا الموضع إلى نبذة لتكون مثالًا للمتوشح لهذه الصناعة.

فمن ذلك ما ورد في شعر أبي تمام في وصف مصلبين٤:

بكروا وأسروا في متون ضوامرٍ ... قيدت لهم٥ من مربط النجار

لا يبرحون ومن رآهم خالهم ... أبدًا على سفرٍ من الأسفار


١ هو أبو المظفر محمد بن أبي العباس أحمد الأبيوردي، يتصل نسبه بأبي سفيان من بني أمية، كان من الأدباء المشهورين راوية نسابة شاعرا ظريفا، قسم أشعاره إلى أقسام، سماها العراقيات والنجديات، والوجديات وغيرها، والعراقيات أكثرها في مدح المقتدر، والمستظهر ووزرائهما، توفي سنة ٥٥٧هـ، و"أبيورد" المنسوب إليها بليدة بخراسان.
٢ ذكر ابن الأثير في كلامه في الصناعة المعنوية أنها تنقسم قسمين:
الأول منهما في الكلام على المعاني مجملا.
والثاني في الكلام عليها مفصلا.
"انظر صفحة ٣ من القسم الثاني".
٣ سيق أبو هلال العسكري بن الأثير إلى هذا التقسيم، قال أبو هلال:
والمعاني على ضربين: ضرب يبتدعه صاحب الصناعة من غير أن يكون له إمام يقتدى به فيه، أو رسوم قائمة في أمثلة مماثلة يعمل عليهما، وهذا الضرب ربما يقع عند الخطوب الحادثة، ويتنبه له عند الأمور النازلة الطارئة، والآخر ما يحتذبه على مثال تقدم ورسم فرط.... "انظر كتاب الصناعتين ٦٩".
٤ ديوان أبي تمام ١٥٤ من قصيدة له في مدح المعتصم، وذكر إحراق الأفشين، ومطلعها:
الحق أبلج والسيوف عوار ... فحذار من أسد العرين حذار
٥ قيدت: سيقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>