للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المعنى مما يعثر عليه عند الحوادث المتجددة، والخاطر في مثل هذا المقام ينساق إلى المعنى المخترع من غير كبير كلفة، لشاهد الحال الحاضرة.

وكذلك قال في هذه القصيدة في صفة من أحرق بالنار:

ما زال سر الكفر بين ضلوعه ... حتى اصطلى سر الزناد الواري

نارًا يساور جسمه من حرها ... لهبٌ كما عصفرت شق إزار١

طارت لها شعلٌ يهدم لفحها ... أركانه هدمًا بغير غبار

فصلن منه كل مجمع مفصلٍ ... وفعلن فاقرةً بكل فقار٢

مشبوبةً رفعت لأعظم مشركٍ ... ما كان يرفع ضوءها للساري٣

صلى لها حيا وكان وقودها ... ميتًا ويدخلها مع الفجار

وهذا مما يعين على استخراج المعاني فيه شاهد الحال.

وقد ذيل البحتري على ما ذكره أبو تمام في وصف المصلبين فقال:

كم عزيزٍ أباده فغدا ير ... كب عودًا مركبًا في عود

أسلمته إلى الرقاد رجالٌ ... لم يكونوا عن وترهم برقود

تحسد الطير فيه ضبع البوادي ... وهو في غير حالة المحسود

غاب عن صحبه فلا هو موجو ... د لديهم وليس بالمفقود

وكأن امتداد كفيه فوق ال ... جذع في محفل الردى المشهود

طائرٌ مد مستريحًا جناحي ... هـ استراحات متعبٍ مكدود

أخطب الناس راكبًا فإذا أر ... جل خاطبت منه عين البليد


١ عصفرته صبغته بالعصفر.
٢ الفاقرة: الداهية والفقار: خرزات الظهر.
٣ مشبوبة: مشتعلة، وهي وصف للنار المذكورة في بيت قبل هذا أغفله ابن الأثير، وهو:
لله من نار رأيت ضياءها ... ضاق الفضاء به على النظار

<<  <  ج: ص:  >  >>