وكذلك كتبت إلى بعض الناس كتابًا من هذا الجنس أهزل معه، فقلت في فصل منه ما أذكره، وهو:
"ينبغي له أن يشكرني على وسمه بهجائي دون امتداحي، فإني لم أسمه إلا لتحرم به الأضحية في يوم الأضاحي، ولا شك أن سيدنا معدود في جملة الأنعام، غير أنه من ذوات القرون، والقرن عدوه عند الخصام".
وهذا معنى ابتدعته ابتداعًا، ولم أسمعه لأحد من قبلي.
ومن ذلك ما ذكرته في جملة كتاب يتضمن هزيمة الكفار، وذلك فصل منه، فقلت:
"وكانت الوقعة يوم الأحد منتصف شهر كذا وكذا، وهذا هو اليوم الذي تخيره الكفار من أيام الأسبوع، ونصبوه موسمًا لشرع كفرهم المشروع، فحصل ارتيابهم به إذ تضمن للإسلام مزيدًا، وقالوا: هذه يوم قد أسلم، فلا نجعله لنا عيدًا، وقد أفصح لهم لسانه كما لو كانوا يعلمون، بأن الدين عند الله هو الإسلام، وأن أولياءه هم المسلمون".
وهذا معنى انفردت بابتداعه، ولم يأت به أحد ممن تقدمني.
ومن ذلك ما ذكرته في فصل من كتاب إلى ديوان الخلافة ببغداد، وهو في وصف القلم، فقلت:
"وقلم الديوان العزيز هو الذي يخفض ويرفع، ويعطي ويمنع وهو المطاع لجدع أنفه وسواد لباسه، وقد ورد الأمر بطاعة الحبشي الأجدع، ومن أحسن صفاته أن شعاره من شعار مولاه، فهو يخلع على عبيده من الكرامة ما يخلع".
في هذه الأوصاف معانٍ حسنة لطيفة، ومنها معنى غريب لم أسبق إليه، وهو قولي:"إنه المطاع لجدع أنفه وسواد لباسه، وقد ورد الأمر بطاعة الحبشي الأجدع"، فإن هذا مما ابتكرته.