للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وإذا أنصف واصفه، قال: ما من ثمرة إلا وهي عنه قاصرة، ولو تفاخرت البلاد بمحاسن ثمارها لقامت أرض العراق به فاخرة.

"وها قد سار إلى باب مولانا، وهو مجنى المنابت سار إلى مجنى الكرم، وملك الفاكهة وفد على ملك الشيم".

"ولما استقلت به الطريق أنشأ الحسد لغيره من الفواكه أربًا، وما منها إلا من قال: يا ليتني كنت رطبًا".

"ولئن كان من الثمرات التي تختلف في الصور والأسماء، ويفضل بعضها على بعض، ويسقى بشراب واحد من الماء، فكذلك تلك الشيم العريقة تتحد في عنصرها، وهي مختلفة الوتيرة، ومن أفضلها شيمة السماح التي تقبل القليل من عبيدها، وتسمح لهم بالعطايا الكثيرة، وقد ضرب لها المملوك مثالًا، فقال هي كجنة بربوة١، بل ضرب لها ما ضرب من للمثل النبوي، وهي نخلة بكبوة٢.

"ولا يختم كتابه بأحسن من هذا القول الذي طاب سمعًا، وزكا أصلًا وفرعًا، وتصرف في أساليب البلاغة، فجاء به وترًا وشفعًا، والسلام".

وهذا كتاب غريب في معناه، وقد اشتمل على معان كثيرة:

فمن جملتها أن الرطب مشتق من "الرطب" الذي هو ضد "اليابس".

ومن جملتها أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى النخلة أما، فقال: "أمكم النخلة".

ومن جملتها أنه كان صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات، فإن لم يجد فتمرات.

ومن جملتها أنه كان يلوك التمرة، ويحنك بها المولود عند ميلاده، ولما ولد عبد الله بن الزبير جاءت أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنه، ووضعته في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلاك تمرة ووضعها في فيه.


١ مأخوذ من تشبيه القرآن: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} [سورة البقرة، الآية: ٢٦٥] .
٢ سيأتي هذا المثل النبوي في الصفحة التالية عند إيراد نص الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>