للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هكذا كما تراه، إلا أن القادر على ذلك من أقدره الله عليه، فما كان خاطر بحكيم، ولا كل من أوحى إليه بكليم، وفي الأقلام هاشم لمن ناوأه، ومنها هشيم!

وسأنبه في هذا الموضع على طريق يسلك إلى شيء من المعاني المخترعة، وهو ما استخرجته، وانفردت باستخراجه دون غيري، فإن المعاني المخترعة لم يتكلم فيها أحد بالإشارة إلى طريق يسلك فيها؛ لأن ذلك مما لا يمكن، ومن ههنا أضرب علماء البيان عنه، ولم يتكلموا فيه كما تكلموا في غيره!

وكيف تتقيد المعاني المخترعة بقيد، أو يفتح إليها طريق تسلك، وهي تأتي من فيض إلهي بغير تعليم?

ولهذا اختص بها بعض الناثرين والناظمين دون بعض، والذي يخص بها يكون فذا واحدًا يوجد في الزمن المتطاول.

ولما مارست أنا هذا الفن -أعني فن الكتابة- وقلبته ظهرًا لبطن، وفتشت عن دفائنه وخباياه، وأكثرت من تحصيل مواده والأسباب الموصلة إلى الغاية منه، سنح لي في شيء من المعاني المخترعة طريقٌ سلكته، وهو يستخرج من كتاب الله تعالى، وأحاديث نبيه صلوات الله عليه وسلامه، وقد تقدم لي منه أمثلة في هذا الكتاب.

وذلك أنه ترد الآية من كتاب الله تعالى، أو الحديث النبوي، والمراد بهما معنى من المعاني، فآخذ أنا ذلك وأنقله إلى معنى آخر، فيصير مخترعًا لي.

وسأورد ههنا نبذة يسيرة يعلم منها كيف فعلت حتى يسلك إليها في الطريق الذي سلكته.

فمن ذلك قصة أصحاب الكهف والرقيم١، فإني أخذت ذلك ونقلته إلى الإحسان والشكر.


١ الرقيم قرية أصحاب الكهف، أو جبلهم، أو كلبهم، أو الوادي، أو الصخرة أو لوح رصاص نقش فيه نسبهم، وأسماؤهم ودينهم ومم هربوا، أو الدواة أو اللوح -أو القاموس ٤-١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>