للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ترى أن الإحسان يستعار له كهف وكنف وظل، وأشباه ذلك.

والشكر كلمات تقال في التنويه بذكر المحسن وإحسانه.

والرقيم هو الكتاب المكتوب، فهو والشكر متماثلان.

والذي أتيت به قد أوردته وهو:

فصل من كتاب إلى بعض المنعمين:

"الخادم يشكر إحسان المولى الذي ظل عنده مقيمًا، وغدا بمطالبه زعيمًا، وأصبح بتواليه إليه مغرمًا، كما أصبح له غريمًا، ولما تمثل في الاشتمال عليه كهفًا صار شكره فيه رقيمًا".

فانظر كيف فعلت فيه في هذا الموضع لتعلم أني قد فتحت لك فيه طريقًا تسلكه!

وأما الحديث النبوي، فإني أخذت قصة قتلى بدر، كأبي جهل وعتبة وشيبة وغيرهم، ونقلتها إلى القلم.

وذاك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف على القليب الذي ألقاهم فيه وناداهم بأسمائهم فقال: $"يا عتبة، يا شيبة، يا أبا جهل، يا فلان، يا فلان"، والحديث مشهور فلا حاجة إلى استقصائه.

والذي أتيت به في وصف القلم هو أني قلت:

"ولقد مرح القلم في يدي وحق له أن يمرح، وأبدع فيما أتى به، وكل إناءٍ بالذي فيه ينضح، ومن شأنه أن يستقل على أعواد المنبر، فلا ينتهي من خطبتها إلى فصلها، ويقف على جانب القليب إلا أنه لا ينادي من المعاني أبا جهلها".

فالدواة قليبٌ، والقلم يقف عليه، والمعاني التي ينشئها من باب العلم، لا من باب الجهل.

فتأمل هذه الكلمات التي ذكرتها فإنها لطيفة جدًا، وهي مخترعة لي.

<<  <  ج: ص:  >  >>