للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القدر كافٍ في طريق التعليم، فليحذ حذوه -إن أمكن- والله الموفق للصواب.

وأما الضرب الآخر من المعاني، وهو الذي يحتذى فيه على مثال سابق، ومنهج مطروق، فذلك جل ما يستعمله أرباب هذه الصناعة، ولذلك قال عنترة:

هل غادر الشعراء من متردم١

إلا أنه لا ينبغي أن يرسخ هذا القول في الأذهان؛ لئلا يؤيس من الترقي إلى درجة الاختراع، بل يعول على القول المطمع في ذلك، وهو قول أبي تمام٢:

لا زلت من شكري في حلةٍ ... لابسها ذو سلبٍ فاخر

يقول من تقرع أسماعه ... كم ترك الأول للآخر

وعلى الحقيقة فإن في زوايا الأفكار خبايا، وفي أبكار الخواطر سبايا، لكن قد تقاصرت الهمم، ونكصت العزائم، وصار قصارى الآخر أن يتبع الأول، وليته تبعه، ولم يقصر عنه تقصيرًا فاحشًا.

ووقفت على كتاب يقال له: "مقدمة ابن أفلح البغدادي"، قد قصرها على تفصيل أقسام علم الفصاحة والبلاغة، وللعراقيين بها عناية وهم واصفون لها، ومكبون عليها.

ولما تأملتها وجدتها قشورًا لا لب تحتها؛ لأن غاية ما عند الرجل أن يقول: وأما


١ هذا صدر مطلع معلقته، وعجزه:
أم هل عرفت الدار بعد توهم
٢ ديوان أبي تمام ١٤٣ من قصيدة في مدح أبي سعيد محمد بن يوسف الثغري أولها:
قل للأمير الأريحي الذي ... كفاه للبادي وللحاضر
لتجزك الأيام مندوحة ... ونضرة عن عودي الناضر

<<  <  ج: ص:  >  >>